للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حديث اختلاف أمتى رحمة]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل صحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " اختلاف أمتى رحمة" وكيف يكون الاختلاف رحمة، والدين بقرآنه وحديثه يدعو إلى الوحدة؟

الجواب

هذا الحديث ذكره البيهقى تعليقا فى رسالته، وأسنده فى المدخل من حديث ابن عباس بلفظ "اختلاف أصحابى لكم رحمة" وإسناده ضيف كما قال العراقى فى تخريجه لأحاديث إحياء علوم الدين " ج١ ص ٢٥ ".

وسبب هذا القول كما ذكره بعض الكتاب أن أعرابيا حلف ألا يقرب زوجته حينا من الدهر، ولم يعرف هذا الأعرابى مدة ذلك الحين الذى أقسم عليه، فذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليسأله فلم يجده، فسأل أبا بكر رضى الله عنه فقال: اذهب فطلق امرأتك، فالحين هو العمر كله، وسأل عمر رضى الله عنه فقال: إن عشت أربعين سنة يمكنك أن ترجع إلى امرأتك، فالحين أربعون سنة، وسأل عثمان رضى الله عنه فقال: امكث عاما ثم ارجع إلى امرأتك، فالحين عام فقط، وسأل عليا رضى الله عنه فقال له: متى حلفت؟ قال: بالأمس، فقال: ارجع إلى امرأتك فالحين هو نصف يوم.

ثم قص الأعرابى على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل كلا من الصحابة الأربعة على مستندهم فى آرائهم، فقال أبو بكر: قال الله تعالى فى قوم يونس {فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين} يونس:

٩٨، وقد سبق أن فسر الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك بأن الله تركهم بلا عذاب طول عمرهم. وقال عمر: قال الله تعالى {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا} الإنسان: ١، وقد سبق أن فسر الرسول ذلك بأن آدم أتى عليه أربعون سنة مخلوقا مصورا لا يدرى ما هو وما اسمه وما يراد به. وقال عثمان. قال الله تعالى فى شجرة النخل الطيبة {تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها} إبراهيم:٢٥، وثمار النخلة تأتى كل عام. وقال على: قال تعالى {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون} الروم: ١٧، فالحين نصف يوم.

وقيل: إن هذه القصة هى فى قول النبى صلى الله عليه وسلم "أصحابى كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " وهو أيضا ضعيف وقيل موضوع، رواه الدارمى.

وغيره، وأسانيده ضعيفة، وعلى فرض ورود هذا الحديث بأية درجة فهو ليس مدحا من النبى صلى الله عليه وسلم " لأى اختلاف، بل للاختلاف فى الرأى الاجتهادى الذى ليس فيه نص قاطع، وكل واحد من هؤلاء استند فى رأيه إلى نص فى القرآن. فهو معذور إن أخطأ، ومن المعلوم أن الاختلاف. فى الآراء الاجتهادية يعطى فرصة للإنسان أن يختار منها ما يتناسب مع ظروفه، ومن هنا جاءت المذاهب الفقهية المعروفة، وتقليد أى منها جائز لا حرج فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>