ما هو مسجد الضرار، وهل ينطبق عر بعض مساجدنا فى هذا العصر؟
الجواب
قال تعالى {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقاً بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون} التوبة: ١٠٧.
نزلت فى جماعة من المدينة أرادوا أن يبنوا مسجدا يصلى فيه الرسول ويباركه كما صلى فى مسجد قباء وباركه، فلما بنوه دعوا الرسول للصلاة فيه، وكان خارجا لغزوة تبوك فوعدهم إن عاد، فأخبره الله بأن المسجد ليس خالصا لله، بل بنى للضرار والانصراف عن الصلاة فى مسجد الرسول واستقبال أبى عامر الراهب الذى فر إلى الروم وتنصر وطلبوا عودته، فأمر الرسول بإحراق المسجد وهدمه.
يقول القرطبى فى تفسيره: قال علماؤنا-أى المالكية- لا يجوز أن يبنى مسجد إلى جنب مسجد، ويجب هدمه والمنع من بنائه لئلا يصرف أهل المسجد الأول فيبقى شاغرا، إلا أن تكون المحلة كبيرة فلا يكفى أهلها مسجد واحد، فيبنى حينئذ إذا لم يتيسر له مكان بعيد عنه يبنى فيه.
وقالوا: كل مسجد بنى على ضرار أو رياء وسمعة-فهو فى حكم مسجد الضرار لا يجوز الصلاة فيه. ثم ذكر القرطبى أن من فعل أى شىء بقصد الإضرار بالغير وجب منعه.
وهدم مسجد الضرار له حيثيات، وهى الإضرار والكفر والتفريق وإيواء المحاربين لله ورسوله، ومن هنا إذا بنى مسجد فى منطقة- وبخاصة إذا كانت مساجدها كافية - يراد بذلك تفريق كلمة المسلمين والإضرار بالناس بأى لون من ألوان الضرر عقيدة أو سلوكا، وتجتمع فيه جماعة خارجة عن حدود الدين، لأنهم يكفِّرون غيرهم مثلا أو يستحلون حرماتهم، أو يريدون بذلك رياء وسمعة-فهو فى حكم مسجد الضرار لا تجوز الصلاة فيه على ما رآه علماء المالكية كما ذكره القرطبى.. .
وبهذا لابد من اعتبار النية والنظر إلى الأثر المترتب على بناء هذه المساجد.
والأمر يحتاج إلى دقة وحكمة فى المعالجة. والتوعية لها دخل كبير فى هذا الموضوع