للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إمامة الصبى]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

عندنا مسجد فى القرية ليس له إمام مخصوص، ولكن يوجد صبى يحفظ بعض القرآن الكريم يصلى بنا جماعة أحيانا فقال بعض المصلين: إن صلاته بهم لا تجوز لأنه صغير ولأن المأمومين أكبر منه، فما رأى الدين فى ذلك؟

الجواب

روى مسلم وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم" والمراد بالقراءة هنا كثرة الحفظ ومعرفة أحكام الدين، أى أفقههم كما قال بعض العلماء.

وروى البخارى وغيره أن عمرو بن سلمة نقل عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال "فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا" فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا منى فقدمونى بين أيديهم وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين، وجاء فى رواية النسائى أنه ابن ثمان سنين، وجاء فى رواية أحمد وأبى داود أنه قال: فما شهدت مجمعا من جَرْمٍ - وهم قومه- إلا كنت إمامهم إلى يومى هذا.

بناء على ما تقدم يجوز للصبى أن يكون إماما لمن هم أكبر منه سنًا، وبخاصة إذا تميز عنهم بالتفقه فى الدين، وهذا ما قال به الإمام الشافعى رضى الله عنه، أما الإمام مالك فقد كره أو منع ذلك فى الفرائض وأما أبو حنيفة وأحمد، فقد اختلفت الرواية عنهما، والمشهور عنهما كما قال ابن حجر فى كتابه "فتح البارى" أنهما يجوزان أن يكون الصبى إمامًا فى النوافل كالتراويح والعيدين دون الفرائض، لكن هذه التفرقة لا معنى لها، لأن حديث عمرو فيه أذان للصلاة ثم الإمامة، والأذان لا يكون إلا للفريضة دون النافلة.

والذين منعوا إمامة الصبى أو كرهوها فى الفريضة استندوا إلى أثر عن ابن مسعود بأنه لا يؤم الغلامُ حتى تجب عليه الحدود، أى حتى يكلَّف بالبلوغ، وكذلك أثرٌ مثله عن ابن عباس رواهما الأثرم فى سننه، وليسا مرفوعين إلى النبى صلى الله عليه وسلم بل هما رأيان لهما، وفى مثل هذا المقام يقدم الحديث المرفوع على الكلام الموقوف على الصحابى، كما يقدم ما رواه البخارى ومسلم على ما رواه الأثرم.

والموضوع موضح فى نيل الأوطار للشوكانى، وخلاصته أن إمامة الصبى فى الفرائض جائزة وصحيحة عند الشافعى ويمكن الأخذ به في الصبى يصلى بوالدته وإخوته وأخواته، والتلميذ يصلى بزملائه، لكنها غير جائزة عند الأئمة الاخرين، والبالغ إن وجد أولى من الصبى

<<  <  ج: ص:  >  >>