[الوقف على قارىء القرآن]
المفتي
عبد المجيد سليم.
رمضان ١٣٦١ هجرية - ٢٦ سبتمبر ١٩٤٢ م
المبادئ
١ - الوقف على قارىء القرآن الذى يقرؤه نظير ما جعل له من الوقف باطل، بمعنى بطلان جعل القارىء مصرفا لريع الوقف.
٢ - قارىء القرآن إذا قرأ لأخذ الجعل من الوقف أو من غيره بحيث إذا لم يعط لم يقرأ كان آثما ومعطيه آثم ويكون مصرف الوقف الفقراء.
٣ - قارىء القرآن ابتغاء وجه الله تعالى يكون مصرفا للوقف والوقف عليه صحيح
السؤال
من الأستاذ إبراهيم بك قال وقف المرحوم الحاج نصر منصور أطيانا بقليوب بكتاب وقفه المؤرخ ١٩ شعبان سنة ١٢٩٣ هجرية، مشترك بين أهلى وخيرى - وخصص لكل ناحية نصيبا محددا بمقادير معدودة بحدود مبينة بكتاب الوقف المذكور واشترط الواقف بعد حياته بهذه الصفة للخيرات أولا من بعده يكون ذلك الوقف على الوجه الآتى بيانه - فما يكون وقفا لإطعام الطعام والشراب وفرض وعيادة ونفقة عند اللزوم وخدم، وفى كافة ما يتعلق ويلزم بشأن الضيوف الواردين والمترددين من الأغنياء والفقراء والمساكين بدورا حضرة المشهد المذكور الكائن بناحية قليوب البلد أشهد فيها وبها خلافها كما يراه الناظر وقت ذلك حيث يبقى بذلك على صفته التى هو عليها الآن، يستمر ذلك دواما من أكل وشراب ومبرات، ولكن فى تلك الأحوال الحرجة يأتى للنظار قوم من أقارب الواقف أو من غيرهم يلتمسون معاونات مالية أسبوعية أو شهرية للطعام أو للكسوة لهم ولأولادهم الصغار أو نسائهم المحجبات اللاتى لا يمكنهم التسول فى الطرقات، وكذا المرضى منهم للعلاج أو الأولاد الصغار للتعليم أو البنات للزواج أو غير ذلك مما اضطرته الأزمات الحالية من وطأة شديدة على أقارب الواقف وذوى أرحامه وغيرهم ذكورا وإناثا من شدة الحاجة.
وقد علمنا أن الواقف كان ابتغاء مرضاة الله يمد القوم الواردين أو المترددين بالطعام والمال فى المحازن والأفراح والمرضى والفقراء والزواج إلى آخره، وكذا عابرى السبيل حتى إنه كان يجلس فى أيام العيد بصحن الدوار ويمد صغار الأولاد بالقروش وبعض الملابس المفرحة.
ولذلك نرجو التفضل بتفسير هذا الشرط كما يقتضيه الزمان والمكان ليكون دستورا يهتدى به لتنفيذ شرط الواقف للفقراء المذكورين، وكذلك شرط الواقف صرف خبز وفول نابت لمن يقرءون القرآن فى مساجد قليوب، يصرف لهم فى ليالى مخصصة وللفقراء الذين يحضرون هذه الليالى.
وقد طلب إلينا القراء والفقراء صرف هذه المبالغ نقدية جملة واحدة سنويا ليمكنهم الاستفادة منها والانتفاع بها فى معاشهم بدل صرف قليل من الثابت وقد أفادتنا وزارة الأوقاف بالرجاء والتفضل بافتائنا على هذين الشرطين خدمة لأهل هذا البيت القديم وفقرائه، وحفظا لكيان هذه الأسرة شيوخا وأولادا وبنات وكذا للمحافظة على ما كان متبعا فى عهده المملوء بالخيرات والمبرات وعظمة البيوت القديمة
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتاب الوقف المذكور - ونفيد أولا أنه يجب صرف ما جعله الواقف فى مصرفه الذى جعله له إذا كان الوقف على هذا المصرف جائزا كما فى حادثتنا، ولا يصرف لجهة أخرى إلا إذا بقى بعد الصرف على هذا المصرف شىء مما جعل له، فيجوز صرف ما فضل حينئذ للفقراء، وعلى هذا لا يجوز صرف شىء مما جعل للدوار لجهة أخرى إلا إذا فضل شىء بعد الصرف على الوجوه التى ذكرها الواقف، فيجوز صرفه إلى الفقراء، والأفضل أن يصرف هذا الفاضل إلى أقارب الواقف منهم ويقدم فى ذلك الأقرب فالأقرب وهذا مذهب الحنفية الذى عليه العمل.
وذهب بعض الفقهاء غير الحنفية إلى أنه يجوز أن يصرف ما جعله الواقف لجهة من جهات البر إلى جهة أخرى إذا كانت الجهة الأخرى أدخل فى باب القربة والصرف فيها أفضل وأحب إلى الله تعالى.
ولا شك أن الصدقة على الأقارب المحتاجين والمعوزين خصوصا إذا كانوا بالصيغة التى ذكرت بهذا السؤال أفضل من الصرف على الجهة التى عينها الواقف.
وهذا ما نختاره وإن لم يكن عليه العمل الآن. ثانيا أنه يجوز أن يعطى القراء المذكورون والفقراء ما جعله لهم الواقف نقودا، ولا يلزم أن يكون ذلك بشراء خبز فول وغير ذلك.
هذا وقد جرينا على ان الوقف على قارىء القرآن الذى يقرأ نظير ما جعل له من الوقف باطل، بمعنى بطلان جعل القارىء مصرفا لريع الوقف، لأن هذا يشبه الاستئجار على قراءة القرآن وهو غير جائز.
وعلى هذا إذا كان القراء المذكورون إنما يقرءون لأخذهم ما جعل لهم من هذا الوقف أو من غيره بحيث لو لم يعطوا هذا الجعل لما قرءوا كانوا آثمين بأخذهم هذا الجعل وهو أكل مال بالباطل وكان المعطى لهم آثما أيضا وكان الوقف عليهم باطلا وصرف ما جعل لهم للفقراء.
والأفضل أن يعطى للأقارب الفقراء على الوجه الذى أسفنا، أما إذا كانوا يقرءون القرآن تقربا إلى الله تعالى وابتغاء مرضاته بحيث إنهم يقرءون ولو لم يعطوا كانوا حينئذ مصرفا للوقف، وكان الوقف عليهم صحيحا، وأعطوا ما جعل لهم على الوجه الذى أسلفنا.
وبما ذكرنا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به.
والله سبحانه وتعالى أعلم