للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[داروين وأصل الإنسان]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

ما حكم الدين فى قول بعض الناس: إن أصل الإنسان قرد؟

الجواب

جاء " شارل داروين" الإنجليزى المتوفى سنة ١٨٨٢ م بعد "لامارك " الفرنسى المتوفى سنة ١٨٢٩ م بمذهبه فى أصل الخليقة الذى أثار ضجة فى الأوساط العلمية عندما ظهر كتابه " أصل الأنواع " سنة ١٨٥٩م وكتابه " تسلسل الأنواع " سنة ١٨٧١م وهو يشتمل على ثلاث مسائل، خلاصتها أن العالم نشأ بالترقى والتطور، والإنسان كذلك حدث بهذه الطريقة، وأنه لمشابهته للقرد لا يمنع أن يكون قد اشتق هو والإنسان من أصل واحد، وكذلك قال: إن العقل والحياة ظاهرتان ترجعان إلى المادة.

إن " داروين " لم يقم دليلا كافيا على كلامه، وإنما هو مجرد افتراض واحتمال، واعتمد فى افتراضه على تطوير نوع من الزهور والنباتات، غير شكلها ولم يغير جوهرها، ولم ينجح فى شىء من عالم الحيوان.

يقول " س. فان هو فنسفيلت " فى تفنيد هذه النظرية: إن النتائج التى وصل إليها الباحثون فى الأحياء المتحجرة لم تساعد على إقامة أى دليل على التسلسل أو التطور التدريجى، بل ثبت على عكس ذلك أن الفروق الدقيقة بين صفوف الأجناس التى نعرفها بقيت على الدوام فاغرة ولم تتلاش أو تقرب من ذلك.

إن الأجدر بالإنسان ألا يجهد نفسه كثيرا فى محاولة الوصول إلى معرفة خلق الإنسان، إذ أن الصانع وحده هو الذى يعرف حقيقة ما صنع، وأما المصنوع فلا يصل ولن يصل إلى إدراك كيفية وجوده وخلقه، وما يعرفه من ذلك قليل.

إن الكلام فى هذا الموضوع طويل، وما قاله " داروين " مجرد احتمال، فإن أنكر أن الله هو الخالق الحقيقى فهو ملحد من ملاحدة الماديين، وقد رد عليه كثيرون من علماء الطبيعة، ونحن كمسلمين نؤمن بأن الله خلق آدم من طين ومن حمأ مسنون ومن صلصال كالفخار ومن ماء. وورد أن الله خلق الإنسان نوعا مستقلا، لا بطريق النشوء والاشتقاق من نوع آخر، وإن كان كلا الأمرين من الجائز العقلى الذى يدخل تحت قدرة الله تعالى، قال بعض العلماء: إنه لا يوجد فى النصوص أن الله خلق الإنسان الأول من تراب دفعة واحدة، أو بتكوين متمهل على انفراده، فسبيل ذلك التوقف وعدم الجزم بأحد الأمرين، حتى يقوم الدليل القاطع عليه، فنعتقده ما دام أن الذى فعل ذلك كله هو الله تعالى، ثم إن النواميس المذكورة فى مذهب " داروين " ظواهر واضحة فى الكون، ولا حرج فى اعتقادها ما دام أن الله هو الذى خلقها ووجهها، فهى لا تحقق وجودها من نفسها {ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شىء} الأنعام:

١٠٢، فهو خالق المادة والنواميس.

هذا، وقد سبق شرح الحديث الشريف: "إن الله خلق آدم على صورته" رواه البخارى ومسلم، وذكرنا أن بعض الأقوال تفسره بأن الله خلق آدم على صورته التى هو عليها لم ينتقل فى النشأة أحوالا، ولا تردد فى الأرحام أطوارا كذريته، بل خلقه رجلا كاملا سويا من أول ما نفخ فيه الروح، وكان على أحسن صورة كما قال سبحانه: {لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم} التين: ٤، فيرجع إليه لتكتمل الصورة فى فهم هذا الحديث (المجلد الأول صفحة ٦٥٠) ويمكن الرجوع إلى " مجلة الأزهر- المجلد الثانى - صفحة ٧٤٩، وكتابى دراسات إسلامية لأهم القضايا المعاصرة، وكتاب الجواب الإلهى أو الإسلام أمام العلم والفلسفة للشيخ نديم الجسر "

<<  <  ج: ص:  >  >>