[تفسير شرط الواقف]
المفتي
عبد المجيد سليم.
جمادى الأولى ١٣٥٨ هجرية - ٨ يولية ١٩٣٩ م
المبادئ
مناط الاستحقاق للذكور من أولاد بنات الوقاف، هو حفظ القرآن الكريم وطلب العلم بشرط الاستمرار فى الحفظ ومداومة طلب العلم بحيث لو ترك واحدا منهما انقطع استحقاقه فى الوقف
السؤال
من عيدروس محمد قال ما قولكم دام فضلكم فى رجل هو المرحوم الشيخ عبد الله الشامى وقف وقفا على أولاده وأولادهم وآخرين.
اشترط فى حجة وقفه الشرط الآتى (وشرط أيضا حضرة الواقف المذكور أن من ماتت من بناته لصلبه وتركت ولدا ذكرا أو أكثر وكان مشتغلا بطلب العلم أو بحفظ القرآن الكريم يصرف له ما كان يصرف لوالدته مادام متصفا بحفظ القرآن وطلب العلم، كما هو النص فى السطر الحادى عشر وما يليه من الصحيفة الثالثة والعشرين من صورة الحجة الرسمية الشرعية المقدمة مرفقة مع هذا الطلب ثم ماتت إحدى بناته (الست جمال عبد الله الشامى العطار) وهى بنت الواقف لصلبه.
وتركت ولدين وبنتين أما الولدجان فهما أولا - عيد روس محمد على نجم - وقد التحق بالأزهر الشريف بعد حفظه للقرآن الكريم حتى حصل على الشهادة الأولية والشهادة الثانوية للأزهر والمعاهد الدينية.
ثم اشتغل مدرسا لمادة الدين الإسلامى واللغة العربية قبل وفاة والدته.
ولما ماتت عاود طلب العلم بالقسم العام بالأزهر الشريف استعدادا لامتحان الشهادة العالمية مستمعا للثقافة ليتقدم للامتحان من الخارج وغير منتسب رسميا للأزهر الشريف وقد صادفته ظروف حبس بسببها فى هوجاء الخلافات الحزبية المصرية لم تمنعه من الاشتغال بالعلم وحفظ القرآن ولا يزال حتى الآن مشتغلا بطلب العلم فى القسم العام للأزهر مستمعا للثقافة مع حفظ القرآن الكريم (ولديه مستندات ثبت ذلك) ثانيا - أحمد محمد حفظ القرآن الكريم واشتغل بالزراعة فى بلدته ناحية الحجاجية مركز فاقوس شرقية (ولديه شهادة من عمدة ومشايخ الناحية تثبت حفظه القرآن) والمطلوب أى الولدين أحق بنصيب والدته المذكورة فى وقف والدها المرحوم الشيخ عبد الله الشامى العطار المشمول الآن بنظر وزارة الأوقاف.
أو هما يسحقانه معا أفتونا بالجواب. ولفضيلتكم كبير الأجر.
وعظيم الثواب
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتاب الوقف الصادر من الواقف المذكور أمام محكمة مديرية الجيزة الشرعية بتاريخ ٩ ربيع الثانى سنة ١٣٠٦ هجرية الموافق ١٢ ديسمبر ١٨٨٨ - ونفيد أن شرط الواقف وهو قوله إن من ماتت من بناته لصلبه وتركت ولدا ذكرا أو أكثر وكان مشتغلا بطلب العلم.
إلخ فيه شىء من الغموض فى الدلالة على مراده.
إذ هو يحتمل أن يكون مراده أن من كان مشتغلا بحفظ القرآن من أبناء من تموت من بناته الصلبيات استحق ما كانت تستحقه أمه واستمر الصرف إليه مادام حافظا للقرآن بعد إتمام حفظه.
وأن من اشتغل منهم بطلب العلم استحق كذلك مادام طالبا للعلم.
فتكون الواو فى قوله مادام متصفا بحفظ القرآن وطلب العلم بمعنى أو ويكون مناط الاستحقاق أحد أمرين الأول - الاشتغال بحفظ القرآن ومناط استمرار الصرف إلى هذا المستحق بعد إتمام حفظه للقرآن هو دوام حفظه بحيث إذا ترك استذكار القرآن حتى نسيه انقطع استحقاقه انقطاعا لا يعود إليه.
والثانى - طلب العلم واستمرار استحقاقه هذا الطالب هو مجرد دوام طلب العلم.
وعلى هذا يكون مجرد استبقاء من كان مشتغلا بحفظ القرآن لحفظه كافيا فى استمرار الصرف إليه واستحقاقه فى ريع الوقف وإن لم يطلب العلم.
ويكون مجرد الاستمرار فى طلب العلم كافيا فى استحقاقه الصرف إليه وإن لم يكن حافظا للقرآن.
ويكون من حفظ القرآن قبل وفاة أمه ولم يطلب العلم بعد وفاتها غير مستحق وإن داوم حفظه بعد موتها باستذكاره إياه لعدم تحقق مناط أصل الاستحقاق فيه حينئذ.
ويحتمل أن يكون (أو) فى قوله (وكان مشتغلا بطلب العلم أو بحفظ القرآن) بمعنى الواو ويكون معنى اشتغاله بحفظ القرآن استذكاره للقرآن حتى لا ينساه، وحينئذ تكون الواو فى قوله مادام متصفا بحفظ القرآن وطلب العلم باقية على حقيقتها ويئول مناط الاستحقاق فى الوقف بهذا الشرط واستمرار الاستحقاق فيه إلى حفظ القرآن وطلب العلم ودوام الاتصاف بذلك.
وعلى هذا لا يكون من اشتغل بأصل حفظ القرآن مستحقا حتى يحفظه ويطلب العلم فعلا.
ويحتمل أن مراد الواقف من الشرط المذكور أن من اشتغل بحفظه القرآن من أبناء بناته لصلبه استحق ما كانت تستحقه أمه.
فإذا أتم حفظه لا يستمر الصرف إليه إلا إذا طلب العلم ودوام على استبقاء حفظه للقرآن مع طلب العلم، وإن طلب العلم وحده لا يكفى فى الاستحقاق ولا فى استمراره ما لم يكن هذا الطالب حافظا للقرآن مداوما على طلب العلم.
وعلى هذا من اشتغل بحفظ القرآن حتى أتمه ولم يطلب العلم لا يستحق بعد إتمامه وإن داوم على حفظه للقرآن كما أن من طلب العلم ولم يكن حافظا للقرآن لا يستحق، وكذلك من حفظ القرآن ثم تركه حتى نسيه لا يستحق.
وإن كان طالبا للعلم. ولعل هذا الاحتمال هو الأقرب إلى غرض الواقف لأن الأظهر أن غرضه من جعله الاستحقاق لابن من تموت من بناته أن يعين من فرغ نفسه الاشتغال بأصل حفظ القرآن حتى يتمه وأن يعين من طلب العلم منهم على هذا الطلب مع بقاء حفظه للقرآن.
وعلى هذا تكون الواو فى قوله مادم متصفا بحفظ القرآن وطلب العلم مستعملة فى حقيقتها، كما إن أو الواردة فى صدر هذا الشرط على حقيقتها، وأخذ اشتراط بقاء حفظ القرآن مع طلب العلم من العبارة التى بعدها وهى قوله ما دام متصفا إلخ وتكون عبارة مشتغلا بحفظ القرآن باقية على المتبادر منها.
وهذا الوجه يحتاج إلى شىء من دقة فى الفهم ولطف فى النظر.
هذا والمراد بطلب العلم عرفا أن يكون الشخص مفرغا نفسه لطلب العلم وتحصيله تحت رقابة وسلطة من له رقابة وسلطة على المعهد الذى يطلب العلم فيه بحيث يعد عرفا طالبا للعلم طلبا جديا بقصد تحصيله فيعطى ما جعله له الواقف للاستعانة به على ذكك.
والخلاصة أن الأظهر فى أن الواقف أراده والأقرب إلى غرضه أن من يستحق فى هذا الوقف بمقتضى الشرط المذكور من ابناء من تموت من بناته لصلبه هو أولا - من كان مشتغلا بحفظ القرآن مادام تشغلا بحفظه ثانيا - من أتم حفظ القرآن سواء أكان قبل وفاة والدته أم بعد وفاتها وكان طالبا للعلم بعد وفاتها ويستحق هذا ما دام طالبا للعلم على الوجه الذى ذكرنا وحافظا للقرآن هذا ما ظهر لنا وبه يعلم الجواب عن السؤال متى كان الحال كما ذكر والله سبحانه وتعالى أعلم