للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كتب الأديان السابقة]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

إذا كان الإسلام يعترف بالرسالات السماوية فهل هناك ما يمنع المسلم من أن يأخذ ويتبع ما جاء من تعاليم ونصائح كل هذه الرسالات؟

الجواب

ليكن معلوما أن الإسلام جاء دينا وافيا كاملا، فيه كل ما يحتاجه المسلم فى دنياه وآخرته كما قال سبحانه {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا} المائدة: ٣، وقال {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين} النحل: ٨٩.

ومع ذلك لا مانع من الاستفادة بما يوجد فى الكتب السماوية الصحيحة، لأن ما فيها حق وإن كانت فروع الشريعة تختلف من دين لآخر، فشرع من قبلنا ليس شرعا لنا إلا إذا وجد فى شرعنا ما يقرره، أو هو شرع لنا إن لم يوجد فى شرعنا ما يخالفه، على خلاف للعلماء فى ذلك.

ولكن أين هى الكتب السماوية الصحيحة التى يستفاد منها وقد أقر القرآن بأنها حُرِّفت؟ وبتحريفها كفر اليهود والنصارى برسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل، قال تعالى {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون} البقرة: ١٤٦، فلا حاجة بنا إلى الأخذ من كتبهم، ولو قرأناها فليكن القارئ على معرفة تامة بدينه هو، حتى لا يزل ويتبع بعض ما فيها، وحتى لا يقول: إن فيها ما لا يوجد فى كتب الإسلام فيميل إليها ويطمئن إلى قراءتها والعمل بما فيها، وقد حدث أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن قراءة كتب أهل الكتاب -اليهود والنصارى- خشية الفتنة بما فيها وقال لعمر "أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟ والذى نفسى بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية " إلى أن قال " والذى نفسى بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا اتباعى" رواه أحمد فى مسنده، ومع ذلك جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، كما أخرجه البخارى، قوله " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا: آمنا بالله وما أنزل إلينا " وقوله " بلغوا عنى ولو آية، وحدثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علىَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".

وهو يشير إلى مصادر المعرفة الثلاثة وهى القرآن الذى يجب تبليغه، والحديث النبوى الذى يجب الدقة عند تلقيه وروايته، وما جاء عن بنى إسرائيل من السماح بروايته، وذلك فى نطاق ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم، كما رواه أحمد وأبو داود: إن كان حديثهم حقا فلا تكذبهم فيه، وإن كان باطلا فلا تصدقهم فيه، وما لا نجزم بصدقه أو كذبه فنحن فى حل من الأخذ به أو رفضه.

وفى ضوء هذا المقياس أصاب عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما يوم اليرموك زاملتين -أى حمل بعيرين- من كتب أهل الكتاب فكان يحدث منهما، وابن مسعود رضى الله عنه قال -كما رواه أحمد وغيره -: لا تسألوا أهل الكتاب عن شىء فإنهم لن يهدوكم وقد أضلوا أنفسهم، إما أن يحدثوكم بصدق فتكذبونهم أو بباطل فتصدقونهم.

والخلاصة أن الأخذ من كتب الأديان الأخرى لا حاجة إليه، أما قراءتها للاطلاع على ما فيها ومقارنته بما جاء فى الإسلام فلا مانع منه لمن هو متمكن فى العلم الدينى

<<  <  ج: ص:  >  >>