للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حق المستحق فى الرجوع بما لم يستحقه]

المفتي

عبد المجيد سليم.

صفر ١٣٥٠ هجرية - ١٢ يونية ١٩٣٢ م

المبادئ

للمستحق الذى لم يدفع له الناظر حقه فى السنين الماضية ظنا منه أنه غير مستحق، الخيار بين الرجوع على الناظر وبين الرجوع على المستحقين من الطبقة العليا، فإن رجع على الناظر كان للناظر أن يرجع عليهم بما رجع به عليه

السؤال

من خدوجة محمد بالآتى ناظر أخطأ فى توزيع الاستحقاق، فبدلا من توزيع الريع على جميع أولاد وأولاد أولاد وأولاد أولاد أولاد الواقف ذكورا وإناثا بالسوية بينهم بدون تمييز طبقة على طبقة لعموم الشرط قصر التوزيع على أفراد الطبقة العليا دون أفراد الطبقة السفلى ظنا منه أن الطبقة العليا تحجب الطبقة السفلى مطلقا، ثم تبين له خطؤه بعد أن وزع الريع عشر سنين بالطريقة الخطأ التى ظن أنها هى الطريقة المطابقة لشرط الواقف ولغرض الواقف.

فهل للناظر بعد أن تبين له خطؤه أن يطالب المستحق - الذى قبض الغلة من الناظر بحسن نية واستهلكها بحسن نية - برد متجمد الزيادة فى مدة العشر سنوات ويحرمه استحقاقه عن السنوات المستقبلة حتى يسترد كامل الغلة التى قبضها المستحق زيادة على استحقاقه، أم أن الغلة المستهلكة تضيع على من ضاعت عليه ولا يجوز الرجوع بها على المستحق الذى قبضها بحسن نية واستهلكها بحسن نية عملا بالقاعدة الشرعية المقررة فى المادة ٣٩٠ من قانون العدل والإنصاف

الجواب

اطلعنا على هذا السؤال.

نفيد أنه لا ريب أن للمستحق الذى لم يدفع له الناظر حقه فى السنين الماضية ظنا منه أى من الناظر أنه غير مستحق أن يطالب بحقه من الغلة فى تلك السنين، ولكن من الذى يطالب بذلك الحق أهو الناظر أم المستحقون الذين تناولوا أزيد من استحقاقهم وهم أهل الطبقة العليا.

فى مسألتنا اختلف الإفتاء فى ذلك.

فذهب بعض المفتين إلى أنه إنما يطالب المتناولون الذين تناولوا أزيد من استحقاقهم، فقد جاء فى تنقيح الحامدية فى جواب عن سؤال مثل سؤالنا ما نصه الذى وقفت عليه فى السادس من الوقف فى البزازية فى ضمن مسألة أنه إذا برهن على القرابة رجع عليهم فيما قبضوه، ولذلك نظير وهو أنه لو صرف الناظر لبعض المستحقين وحرم الباقى للمحروم الرجوع على الناظر لتعديه أو على المستحق لأخذه ما لا يستحقه، والناظر هنا لم يتعد فتعينت الجهة الأخرى ومما يدل على ذلك ما قالوه من أن الوصى إذا وفى الدين بعد ثبوته وإذن القاضى ثم ظهر دين آخر فإنه لا يرجع عليه وإنما يشارك والله أعلم وبمثل ذلك أفتى الخير الرملى أيضا وهذه المسألة تقع كثيرا فلتحفظ فإنها مهمة.

انتهت عبارة تنقيح الحامدية. فعلى هذا إنما يرجع المستحقون من الطبقة السفى على المستحقين من الطبقة العليا بما أخذون أزيد من استحقاقهم فى المدة المذكورة لا على الناظر لعدم تعديه، وذهب بعضق آخر من المفتين إلى أنه فى مسالتنا إنما يطالب الناظر، فقد نقل صاحب الحامدية عن صور المسائل نقلا عن نقد المسائل.

أنه إذا دفع للجماعة بغير قضاء جرع بما يخصه على الناظر وإلا رجع على الجماعة أخذا من سمألة الوصى إذا قضى دين الميت بجميع التركة ثم ظهر دين آخر فإنهم قالوا إن دفع بغير قضاء رجع الدائن عليه وإلا على القابضين إلى آخره وفيه أيضا نقلا عن فتاوى ابن نجيم عن فتاوى الشيخ يحيى ابن الشيخ زكريا ما نصه سئل فى وقف على الذرية.

فرق الناظر الغلة سنين على جماعة منهم ثم اثبت واحد أنه منهم وقضى به على الناظر وطالبه بما يخصه فى الماضى فهل له ذلك.

فأجاب إن دفع للجماعة بغير قضاء رجع بما يخصه على الناظر وإلا رجع على الجماعة أخذا من مسألة الوصى إذا قضى دين الميت بجميع التركة ثم ظهر دين آخر عليه فإنهم قالوا إن دفع بغير قضاء رجع الدائن عليه وإلا على القابضين، ولا يعارضه ما فى القنية لو قضى بدخول أولاد البنات بعد مضى سنين فإنه يظهر حكمه فى المستقبل لا فى الماضى إلا إذا كانت الغلة قائمة.

لأن دخولهم مختلفة فيه بخلاف ما نحن فيه للاتفاق انتهى - وظاهر هذا أن المستحقين من الطبقة السلفى فى مسألتنا إنما يرجعون على الناظر لا على المتناولين أزيد من استحقاقهم نعم ليس فيه نفى لرجوع الناظر عليهم بعد فع ما رجع به عليه ولا شبهة فى أن له أني رجع عليهم بما رجع به عليه مما تناولوه أزيد من استحقاقهم، لأنه إنما دفعه فهم على ظن أنه حقهم لا على وجه الهبة وقد تبين خلافه.

وقد قال الفقهاء إن من دفع شيئا ليس بواجب فله استرداده إلا إذا دفعه على وجه الهبة واستهلكه القابض.

هذا والذى يجب أن يعول عليه أن للمستحق من الطبقة السفلى الخيار بين الرجوع على الناظر وبين الرجوع على المستحقين من الطبقة العليا، فإن رجع على الناظر كان للناظر أن يرجع عليهم بما رجع به عليه.

ففى صفحة ٧١ من باب جناية المدبر من الجزء السابع والعشرين من المبسوط بعد كلام ما نصه وهو نظير الموصى إذا قضى دين أحد الغريمين من التركة ولم يعلم بالدين الآخر أو قضى دين الغريم ثم أحدث آخر بسبب كان وجد من الميت فى حياته، فإن كان دفعه بقضاء القاضى لم يضمن للثانى شيئا ولكن الثانى يتبع الأول بنصيبه، وإن كان الدفع بغير قضاء كان للثانى الخيار بين أن يتبع الأول بنصيبه وبين أن يضمن الوصى ثم يرجع الوصى به على الأول.

- وإنما قلنا إن هذ هو الذى يجب التعويل عليه لما قالوه أنه لا يعدل عما فى المبسوط، بقى هل للناظر أن يطالب المستحقين الذين تناولوا أزيد من استحقاقهم قبل الرجوع عليه الظاهر نعم.

لما ذكرنا من قول الفقهاء من دفع شيئا ليس بواجب فله استرداده إلا إذا دفعه إلى آخره، ولأن هذا داخل فى وظيفة الناظر، وأما ما جاء فى المادة ٣٩٠ من قانون العدل والإنصاف فخاص بما إذا حكم بدخول أولاد البنات فى الصورة التى اختلف الفقهاء فى استحقاقهم فيها، فإن الفقهاء قالوا إنه ليس لهم الرجوع بغلة السنين الماضية إلا إذا كانت قائمة لمكان الخلاف فى ذلك بين الفقهاء، وهذا الحكم خاص بأولاد البنات فى الصورة المذكورة ولا يشمل غيرهم من سائر المستحقين الذين يظهر استحقاقهم بعد صرف جميع الغلة لغيرهم، كما سبقت الإشارة إليه فيما نقلناه عن فتاوى ابن نجيم هذا ما ظهر لنا.

والله سبحانه وتعالى أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>