للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إعفاءات من الجندية]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

ماحكم الدين فى إعفاء طلبة العلم من الخدمة العسكرية؟

الجواب

من المعلوم أن هناك أعذارا يمكن معها لأصحابها أن يتخلفوا عن الخدمة العسكرية، كما قال الله تعالى فى شأن الجهاد فى سبيل الله {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج} الفتح: ١٧.

والخدمة العسكرية أو الجهاد فى سبيل الله له حالتان الحالة الأولى أن يكون فرض عين يجب على كل غير ذى عذر أن يقوم به، وذلك عند مداهمة العدو لنا وهجومهم علينا، وعند الاستنفار أى أمر الحاكم بالخروج للجهاد. والحالة الثانية أن يكون فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الطلب عن الباقين، وذلك فى غير ظروف الحالة الأولى، ولولى الأمر أن يعفى منه من يرى المصلحة فى إعفائه، كالذى يعول أسرة لاعائل لها غيره، بدليل حديث الصحيحين أن رجلا استأذن النبى صلى الله عليه وسلم فى الجهاد فقال " أحى والداك لا؟ قال: نعم، قال " ففيهما فجاهد".

والمشغول بطلب العلم يقوم بمهمة جليلة يعذر بها عن الخروج إلى الجهاد إذا كان فرضه كفائيا، قال تعالى {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} التوبة: ١٢٢.

قال المفسرون: إن الجهاد ليس فرض عين بل هو فرض كفاية، إذ لو نفر الكل لضاع من وراءهم من العيال، فليخرج فريق منهم للجهاد، وليقم فريق يتفقهون فى الدين ويحفظون الحرم، حتى إذا عاد النافرون أعلمهم المقيمون ما تعلموه من أحكام الشرع.

ثم قالوا: إن هذه الآية أصل فى وجوب طلب العلم وأنه على الكفاية، كما يدل عليه أيضا قوله تعالى {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون} النحل: ٤٣ وقوله تعالى {ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم} الضمير فى التفقه والإنذار هو للمقيمين مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك ما اختاره العالمان التابعيان: قتادة ومجاهد.

ومن هنا نرى أن المعركة إذا قامت وكانت هجوما من العدو على الوطن فكل قادر من المسلمين يجب عليه الجهاد، رجالا ونساء، شيبا وشبانا، ولا يصح أن يشغل أحد عن المعركة بأى شىء فهى معركة مصير، حياة أو موت، لكن إذا كان الجهاد فرض كفاية، وهناك فى الميدان من يستطيعون أداء الواجب فلا يجب على كل قادر أن يخرج للجهاد، وعلى المسلمين أن يوزعوا أنفسهم على ميادين العمل لآداء ما يجب من علم وإنتاج وعلاج وحراسة وخدمات وغيرها، ولولى الأمر أن يعفى بعض الفئات كما تقدم ذكره

<<  <  ج: ص:  >  >>