[صياح الديك]
المفتي
عطية صقر.
مايو ١٩٩٧
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
سمعنا فى بعض الأقوال أن الديك يسمع ملكا يؤذن فيصيح هو عند سماعه، وأن هناك تحت العرش ديكا يؤذن للصلاة، فهل هذا صحيح؟
الجواب
وردت عدة أحاديث حول الديك وصياحه ودلالته على أوقات الصلاة، وقد جاء فى كتاب "دفاع عن السنة" ص ١٤٦ أن كل الأحاديث فى ذلك موضوعة ما عدا حديثا واحدا، وإليك طائفة من هذه المرويات ذكرها الدميرى فى كتابه "حياة الحيوان الكبرى".
١ -روى عبد الحق بن نافع بإسناده إلى جابر بن أثوب - بسكون الثاء، وهو أثوب بن عتبة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "الديك الأبيض خليلى" وإسناده لا يثبت، ورواه غيره بلفظ "الديك الأبيض صديقى وعدو الشيطان، يحرس صاحبه وسبع دور خلفه " وكان النبى صلى الله عليه وسلم يقتنيه فى البيت والمسجد.
٢ - وفى التهذيب فى ترجمة "البزى" الراوى عن ابن كثير أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "الديك الأبيض الأفرق حبيبي وحبيب حبيبي جبريل، يحرس بيته وستة عشر بيتا من جيرانه " وهو حديث ضعيف.
٣- روى الشيخ محب الدين الطبرى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان له ديك أبيض، وكان الصحابة رضى الله عنهم يسافرون بالديكة لتعرفهم أوقات الصلاة.
٤ - فى الصحيحين - البخارى ومسلم - وسنن أبى داود والترمذى والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، فإنها رأت ملكًا، وإذا سمعتم نهاق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطانًا".
قال القاضي عياض: سببه رجاء تأمين الملائكة على الدعاء واستغفارهم وشهادتهم له بالإخلاص والتضرع والابتهال، وفيه استحباب الدعاء عند حضور الصالحين والتبرك بهم، وإنما أمرنا بالتعوذ من الشيطان عند نهيق الحمير، لأن الشيطان يخاف من شره عند حضوره فينبغي أن يتعوذ منه. انتهى.
٥ - روى الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه عن زيد بن خالد الجهنى رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة" إسناده جيد، وفي لفظ "فإنه يدعو إلى الصلاة" قال الإمام الحليمي. فيه دليل على أن كل من استفيد منه خير لا ينبغي أن يسب ويستهان به، بل حقه أن يكرم ويشكر ويتلقى بالإحسان، وليس معنى دعاء الديك إلى الصلاة أنه يقول بصراحة: قد حانت الصلاة، بل معناه أن العادة قد جرت بأنه يصرخ صرخات متتابعة عند طلوع الفجر وعند الزوال، فطره الله عليها فيتذكر الناس بصراخه الصلاة ولا يجوز لهم أن يصلوا بصراخه من غير دلالة سواه، إلا من جرب منه ما لا يختلف، فيصير ذلك له إشارة، والله أعلم. انتهى.
٦ - وروى الحاكم في المستدرك في أوائل كتاب الإيمان، والطبراني ورجاله رجال الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إن الله أذن لى أن أحدث عن ديك رجلاه فى الأرض وعنقه مثنية تحت العرش وهو يقول: سبحانك ما أعظم شأنك قال: فيرد عليه، ما يعلم ذلك من حلف بى كاذبا" وروى مثله أو قريبا منه الغريانى عن ثوبان عن الرسول، والطبرانى والبيهقى عن محمد بن المنكدر عن جابر رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو فى كامل ابن عدى فى ترجمة على بن أبي على اللهبى، قال: وهو يروى أحاديث منكرة عن جابر رضى الله عنه.
٧-وجاء فى معجم الطبرانى وتاريخ أصبهان وصف للديك وجناحيه الموشيين بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ، وفى وصف صورة الديك جاء مثل ذلك فى قوت القلوب لأبى طالب المكى والإحياء للإمام الغزالى.
هذه بعض المرويات عن هذا الديك ذكرتها لتكون صورة عما يتخيله الرواة عنه، ولا يصح منها ولا يقبل إلا ما جاء من الأمر بالدعاء عند سماع صياحه لأنه رأى ملكا، ومن النهى عن سبه لأنه يوقظ للصلاة، وتقدم قول الحليمى فى ذلك، وكون الديك أو الحيوان يرى ملكا أو يحس به أمر ثابت من خبر أسيد بن حضير واضطراب فرسه عند قراءته للقرآن، لأنه رأى الملائكة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وقد أكد العلم الحديث إحساس بعض الحيوانات والطيور بأشياء فى الكون لا يحس بها الإنسان.
وما وراء ذلك من وصف الديك أهو ملك، أو اقتناه النبى فليس بثابت ولا تهمنا معرفته