[كشف الجبهة عند السجود]
المفتي
عطية صقر.
مايو ١٩٩٧
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
هل يجب أن تكون الجبهة مكشوفة عند السجود، وما الحكم فيما لو جاء طرف الخمار على موضع السجود فسجدت عليه؟
الجواب
الأعضاء التى يسجد عليها الإنسان سبعة هى اليدان والركبتان والقدمان والجبهة، وهى كلها من العورة فى الصلاة بالنسبة إلى المرأة يجب سترها على خلاف فى القدمين عند بعض الفقهاء، وذلك فيما عدا الجبهة فلا يجب سترها، لأن الوجه ليس بعورة فى الصلاة. لكن هل يجوز سترها أو لا يجوز؟ الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك وأحمد بن حنبل قالوا: يجوز سترها بحيث لا تلمس موضع السجود وهى مكشوفة. والإمام الشافعى قال: يجب كشفها ولا يجوز أن يحول بينها وبين موضع السجود حائل.
وعلى رأى الجمهور يجوز السجود على جزء من الملبوس الذى يتحرك بحركة المصلى، كالكم وطرف الثوب وطرف الخمار، وكور العمامة التى يلبسها الرجال. ودليلهم على هذا ما رواه البخارى ومسلم عن أنس قال:
كنا نصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر مكان السجود. كما قاسوا الجبهة على بقية أعضاء السجود حيث يصح السجود وهى مستورة.
وممن رخص فى السجود على طرف الثوب عطاء وطاوس من التابعين، وكذلك النخعى والشعبى والأوزاعى، وذلك لاتقاء شدة الحر والبرد من الرمل أو الحصباء التى يسجدون عليها.
ورخص أيضا فى السجود على كور العمامة ومثله -طرف الخمار الحسن البصرى ومكحول وعبد الرحمن بن زيد. وسجد شريح القاضى على برنسه، والبرنس: كل ثوب رأسه منه ملتزق به، من دُراعة أو جبة أو مِمْطر أو غيره، وقال الجوهرى: هو قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها فى صدر الإسلام. وهو من البرس -بكسر الباء -وهو القطن والنون زائدة، وقيل: إنه غير عربى كما فى النهاية لابن الأثير: وما روى من أن النبى صلى الله عليه وسلم سجد على كور العمامة فسنده ضعيف، والاستدلال هو القياس على طرف الثوب المتقدم ذكره.
ودليل الشافعى على وجوب كشف الجبهة حديث رواه مسلم عن خباب قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء فى جباهنا وأكفنا فلم يُشكنا-يعنى لم يُزل شكوانا بالترخيص بالسجود على حائل يقينا حرارة الأرض -كما قال فى الاستدلال على ذلك: لو سجد على ما هو حامل له لأشبه ما إذا سجد على يديه -أى وضع جبهته على يديه وهو ممنوع.
قال ابن قدامة فى "المغنى ج ١ ص ٥٦١، ٦٥٢": المستحب مباشرة المصلى بالجبهة واليدين ليخرج من الخلاف ويأخذ بالعزيمة.
قال أحمد: لا يعجبنى-أى الستر. إلا فى الحر والبرد. وكان ابن عمر يكره السجود على كور العمامة. وكان عبادة بن الصامت إذا قام إلى الصلاة يحسر عمامته، أى يكشف جبهته بإزاحة العمامة عنها. وقال النخعى:
أسجد على جبهتى أحب إلىَّ.
فالخلاصة: أن الجمهور على جواز السجود على طرف الثوب والكم والخمار وكور العمامة، ولكن يكره إلا عند الحاجة كَشدة الحر والبرد فى موضع السجود. أما الشافعى فلا يرى جواز ذلك أبدا، ورخص فى المنديل الذى يحمله فى يده أن يضعه ليسجد عليه، كما رخص فى ستر الجبهة لعذر كجراحة يخاف من نرغ العصابة أو الساتر حصول مشقة.
أما السجود على اليد أو اليدين فلا يجوز، وتبطل الصلاة به عند الجمهور.
وأبو حنيفة رخص فيه مع كراهة "الفقه على المذاهب الأربعة "