للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[استقلال الزوجة بذمتها المالية عن زوجها شرعا]

المفتي

جاد الحق على جاد الحق.

١٩ جمادى الأولى ١٤٠٠ هجرية - ٤ مايو ١٩٨٠ م

المبادئ

١ - للمرأة المتزوجة فى الإسلام شخصيتها المدنية الكاملة، وثروتها الخاصة المستقلة عن شخصية زوجها وثروته.

ولكل منهما ذمته المالية.

٢ - عقد الزواج لا يرتب أى حق لكل منهما قبل الآخر فى الملكية أو الدخل، ولكنه رتب للزوجة حقوقا على الزوج مجملها العدل فى المعاملة والمهر والنفقة طالما كان عقد الزواج قائما.

٣ - انحلال عقد الزواج يكون بالطلاق الذى هو حق للزوج وحده لإنهاء الزواج عند تعذر الوفاق.

٤ - المهر أو الصداق هو مبلغ من المال يجب للزوجة على زوجها بمقتضى عقد الزواج ويخضع سداده إليها للاتفاق والعرف، وهو لا يأخذ حكم التعويض.

٥ - الزواج وآثاره والطلاق وآثاره من مسائل الأحوال الشخصية التى تحكمها فى مصر الشريعة الإسلامية باعتبارها القانون العام فى هذا الشأن.

٦ - فكرة الحقوق المكتسبة الناشئة عن العقد تقتضى أيضا تطبيق حكم الشريعة الإسلامية باعتبارها قانون العقد.

٧ - ليس للزوجة أى استحقاق فى أموال زوجها الخاصة.

سواء التى امتلكها قبل عقد الزواج أو فى مدة الزوجية أو بعد الفرقة بينهما طبقا للمادة ١٣ من القانون المدنى المصرى ١٣١ لسنة ١٩٤٨.

٨ - لا يختلف الحال فى الشريعة الإسلامية بين ما إذا طلق الزوج.

أو كان الطلاق بناء على طلبه أو طلبها فإن لها بعد الطلاق نفقة العدة ومؤخر الصداق المتفق عليه إن كان.

ولا يسقط هذان الحقان إلا بتنازلها عنهما أو إبراء زوجها منهما نظير الطلاق

السؤال

بالطلب المقدم من ع أس والمقيد برقم ١٣٧ لسنة ١٩٨٠ وخلاصته أن أخاها - المسلم الديانة المصرى الجنسية - كان مقيما فى جمهورية مصر حتى عام ١٩٦٩ ثم هاجر إلى أمريكا ومعه زوجته المصرية وابن لهما ثم حصلوا جميعا على الجنسية الأمريكية بعد مرور خمس سنوات وفقا للقانون هناك - وقد فوجىء هذا الزوج بأن زوجته تلك أقمت ضده قضية طلاق أمام المحاكم الأمريكية فى الوقت الذى تقيم معه فى مسكن واحد، ولما يفصل فى هذه القضية للآن، وأن القانون الأمريكى يعطى الزوجة نصف ما يملكه الزوج وقت الانفصال ونصف ما يحصل عليه من دخل.

وانتهت السائلة إلى طلب بيان حكم الشريعة الإسلامية بالنسبة للطلاق والنفقة الواجبة بعده.

وهل يختلف الحال إذا كان الزوج هو طالب الطلاق أو الزوجة هى طالبته، وما هو مؤخر الصداق فى الشريعة الإسلامية - وهل هو بمثابة تعويض للمطلقة ومن أجل هذا ينص عليه فى عقود الزواج

الجواب

إن الإسلام سوى بين الرجل والمرأة أمام القانون فى جميع الحقوق المدنية سواء فى ذلك المرأة المتزوجة وغير المتزوجة.

فالزواج يختلف فى الإسلام عنه فى قوانين معظم الأمم المسيحية الغربية.

ففى الإسلام لا تفقد المرأة بالزواج اسمها ولا شخصيتها المدنية، ولا أهليتها فى التعاقد، ولا حقها فى التملك، بل تظل المرأة المسلمة بعد الزواج محتفظة باسمها واسم أسرتها ولها مطلق الحق وكامل الأهلية فى تحمل الالتزامات، وإجراء مختلف العقود من بيع وشراء ورهن وهبة ووصية، ومحتفظة بحقها فى التملك مستقلة عن زوجها.

وعلى وجه الإجمال - فإن للمرأة المتزوجة فى الإسلام شخصيتها المدينة الكاملة وثروتها الخاصة المستقلة عن شخصية زوجها وثروته.

إذ لكل منهما ذمته المالية، فلا شأن لها بما يكسبه الزوج أو بدخله أو بثروته - وكذلك لا شأن للزوج بثروة زوجته أو بدخلها فهما فى شئون الملكية والثروة والدخل منفصلان تماما، وعقد الزواج لا يرتب أى حق لكل منهما قبل الآخر فى الملكية أو الدخل.

وهذه المبادئ قد أرساها القرآن الكريم فى آيات كثيرة كالآيات أرقام ٢٢٨، ٢٢٩، من سورة البقرة، ٤، ٢٠، ٢١ من سورة النساء.

ثم إن الإسلام رتب للزوجة حقوقا على الزوج بمقتضى عقد الزواج مجملها العدل فى المعاملة، والمهر والنفقة طالما كان عقد الزواج قائما فإذا انحل بالطلاق كان لها النفقة مدة العدة، وأقصى هذه المدة سنة من تاريخ الطلاق وفقا للمادتين ١٧، ١٨ من القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩ المعمول به فى مصر.

وانحلال عقد الزواج يكون بالطلاق الذى هو حق للزوج وحده أجازه له الإسلام لإنهاء الزواج عند تعذر الوفاق بين الزوجين، كما أجاز للزوجة أن تلجأ إلى القاضى طالبة الطلاق بأسباب محددة بينتها القوانين أرقام ٢٥ لسنة ١٩٢٠، ٢٥ لسنة ١٩٢٩، ٤٤ لسنة ١٩٧٩ المعمول بها فى مصر.

والمهر أو الصداق هو مبلغ من المال يجب للزوجة على زوجها بمقتضى عقد الزواج، ويخضع سداده إليها للاتفاق والعرف، فقد يكون كله مدفوعا وقت العقد، وقد يدفع الزوج بعضه ويتفقان على تأجيل الباقى لحين الانفصال بالطلاق أو بموت أحدهما، وهو ما يسمى عرفا بمؤخر الصداق، ويدون بهذا الوصف فى وثيقة العقد الرسمى، وهو لا يأخذ حكم التعويض المعروف فى العقود المدنية، لأن الصداق جميعه مقدمه ومؤخره تستحقه الزوجة بذات العقد.

والتزامات الزوج للزوجة بحكم الإسلام بعد الطلاق تتمثل فى مؤخر الصداق إن كان، ونفقتها من مأكل ومشرب وملبس ومسكن مدة العدة وأقصاها مدة سنة من وقت الطلاق كما تقدم.

وعليه نفقة أولاده منها وأجرة حضانتها لهم وأجرة مسكن الحضانة وجميع نفقات تربيتهم فى حدود مقدرته المالية وأعبائه الاجتماعية.

وبهذا يكون الطلاق منهيا لالتزامات الزوج التى نشأت بعقد الزواج، فلا تستحق الزوجة قبله أية حقوق بعد انتهاء فترة العدة.

والزواج وآثاره والطلاق وآثاره من مسائل الأحوال الشخصية التى تحكمها فى مصر الشريعة الإسلامية باعتبارها القانون العام فى هذا الشأن.

ومع هذا فإن فكرة الحقوق المكتسبة الناشئة عن العقد تقتضى أيضا تطبيق حكم الشريعة الإسلامية باعتبارها قانون العقد حيث قد تم عقد الزواج لهذين الزوجين فى نطاقها - وهذا المبدأ سبق أن تقرر فى المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم ٩١ لسنة ١٩٣٧ فى مصر.

لما كان ذلك وكان نظام أموال الزوجين فى الإسلام هو نظام الانفصال المطلق، واستقلال ذمة كل منهما ماليا عن الآخر، لم يكن لهذه الزوجة أى استحقاق فى أموال زوجها الخاصة سواء التى امتلكها قبل عقد الزواج أو فى مدة الزوجية أو بعد الفرقة بينهما بالطلاق.

فقد نصت المادة ١٣ من القانون المدنى المصرى ١٣١ لسنة ١٩٤٨ على أنه يسرى قانون الدولة التى ينتمى إليها الزوج وقت انعقاد الزواج على الآثار التى يرتبها عقد الزواج بما فى ذلك من أثر بالنسبة للمال، ووفقا لهذا النص يكون حكم الشريعة الإسلامية المتقدم ذكره هو الواجب التطبيق.

هذا ولا يختلف الحال فى الشريعة الإسلامية بين ما إذا طلق الزوج أو كان الطلاق بناء على طلبه أو كان بناء على طلب الزوجة.

فإن للزوجة بعد الطلاق نفقة العدة ولها مؤخر الصداق المتفق عليه إن كان، ولا يسقط هذان الحقان إلا بتنازل الزوجة عنهما تنازلا مباشرا مجردا، أو فى نظير الطلاق بما يسمى فى مصر وفقا لأحكام الإسلام طلاقا نظير الإبراء من حقوقها المالية قبل الزوج.

والله سبحانه وتعالى أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>