للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التجارة فى الحج]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

رجل يتعود الحج كل علم ويقصد بذلك شراء سلع وبيعها للربح فيها فهل حجه مقبول،

الجواب

يقول الله سبحانه فى حكمة الحج الذى أذَّن به إبراهيم {وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق. ليشهدوا منافع لهم} الحج: ٢٧، ٢٨، ويقول سبحانه {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} الحج: ١٩٨، إن المنافع التى يشهدها الحجاج كثيرة متنوعة، منافع دينية ومنافع دنيوية، ومن المنافع الدنيوية رزق أهل مكة استجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام حينما وضع ولده إسماعيل وأمه هاجر فى هذا الوادى الذى ليس فيه زرع.

والرزق قد يكون بدون مقابل كالهدى والفداء أو بمقابل كالبيع والشراء للهدى ولغير الهدى، ففيه نشاط تجارى دنيوى كما أن فيه نشاطا دينيًّا.

وابتغاء الفضل من الله فى موسم الحج بالتجارة فى الكسب الحلال ليس فيه حرج، وقد جاء فى سبب نزول هذه، لآية ما رواه البخارى ومسلم عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: إن الناس فى أول الحج - أى فى الإسلام - كانوا يتبايعون بمنى وعرفة وذى المجاز- موضع بجوار عرفة-ومواسم الحج وهم حُرُم، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وما رواه أبو داود عن ابن عباس أيضا أن الناس كانوا لا يتجرون بمِنى، فأمروا أن يتجروا إذا أفاضوا من عرفات. فالتكسب الحلال فى أثناء الموسم لا حرج فيه، بمعنى أنه لا يفسد الحج، ولا يضيع ثوابه، روى أبو داود وسعد بن منصور أن رجلا قال لابن عمر رضى الله عنهما:إنى رجل أكرى - أوجر الرواحل للركوب - فى هذا الوجه وإن أناسا يقولون لى: إنه ليس لك حج فقال ابن عمر: أليس تحرم وتلبى وتطوف بالبيت وتفيض من عرفات وترمى الجمار؟ قال: بلى، قال: فإن لك حجًّا، جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فسأله عن مثل ما سألتنى، فسكت عنه حتى نزلت هذه الآية {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} البقرة: ١٩٨، فأرسل إليه وقرأ عليه هذه، لآية وقال "لك حج " وما رواه البيهقى والدارقطنى أن رجلا سأل ابن عباس: أوجر نفسى من هؤلاء القوم فأنسك معهم المناسك، أليَ أجر؟ ففال له: نعم {أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب} البقرة: ٢٠٢، تبين هذه المأثورات أن الذين يحجون ويزاولون أعمالا تجارية حجهم صحيح غير فاسد لا تجب عليهم إعادته، وتسقط عنهم الفريضة، أما الثواب فظاهر هذه، لآثار أن الله لا يحرمهم منه، ولكن يجب مع ذلك مراعاة الحديث الصحيح "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " وإذا تعددت النوايا فى عمل صالح يمكن أن يرتبط الثواب بما غلب من هذه النوايا، والأمر كله لله من قبل ومن بعد، وهو سبحانه عليم بذات الصدور

<<  <  ج: ص:  >  >>