للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إمامة اللقيط]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

تربى ولد فى الملجأ حتى تخرج فى المدارس ونال قسطا من التعليم الدينى، فأراد جماعة بنوا مسجدًا أن يجعلوه إماما لهم فى الصلاة، فقيل لهم: هذا لا يجوز، فما هو رأى الدين فى ذلك؟

الجواب

اللقيط يغلب أن يكون نتاج علاقة جنسية غير مشروعة، وأوجب الفقهاء التقاطه ورعايته، لأنه لا ذنب له فى هذا المصير، وقد يكون له شأن فى التاريخ.

والقرطبى فى تفسيره "ج ١ ص ٣٥٥" أثار مسألة إمامته فى الصلاة، وقال:

إن الإمام مالكا يكره أن يكون راتبا، أى إماما دائما معينا لذلك، وكذلك كرهه عمر بن عبد العزيز، وكان عطاء بن أبى رباح يقول: له أن يؤم إذا كان مرضيا، وهو قول الحسن البصرى والزهرى والنَخعى وسفيان الثورى والأوزاعى وأحمد بن حنبل وإسحاق. وتجزىء الصلاة خلفه عند أصحاب الرأى "أبى حنيفة وأصحابه" وغيره أحب إليهم، والشافعى قال: أكره أن ينصَّب إماما راتبا مَن لا يُعرف أبوه، ومن صلى خلفه أجزأه. وقال عيسى بن دينار: لا أقول بقول مالك فى إمامة ولد الزنى، وليس عليه من ذنب أبويه شىء، ونحوه قال ابن عبد الحكم إذا كان فى نفسه أهلا للإمامة، قال ابن المنذر: يؤم، لدخوله فى جملة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "يؤم القوم أقرؤهم " وقال أبو عمر: ليس فى شىء من الآثار الواردة فى شرط الإمامة ما يدل على مراعاة نسب، وإنما فيها الدلالة على الفقه والقراءة والصلاح فى الدين.

بعد هذا العرض لآراء الفقهاء نرى أن إمامته جائزة والصلاة خلفه صحيحة بالاتفاق، وأن الجمهور على ذلك إذا كان حسن السير والسلوك متفقها فى الدين، فليست العبرة فى الإمامة بالأنساب بل بالفقه والصلاح، وهو متفق مع قوله تعالى {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وعموم الحديث الذى يقدم فى الإمامة من هو أفقه وأقرأ.

والقليلون كرهوا أن يكون إماما راتبا، ولم يكرهوا أن يؤم الناس فى بعض الأحيان، وهو إحساس عاطفى أكثر منه عقليا

<<  <  ج: ص:  >  >>