جاء فى الأخبار أن عثمان بن عفان رضى الله عنه نفى أبا ذر الغفارى لمكان يسمى الربذة، فهل هذا صحيح، وما سبب ذلك؟
الجواب
أبو ذر رضى الله عنه من كبار الصحابة وفضلائهم، وقديم فى الإسلام، يقال -كما قال ابن الأثير فى أسد الغابة- إنه أسلم بعد أربعة وكان خامسا ثم انصرف إلى بلاد قومه وأقام بها حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وتوفى بالربذة -موضع قريب من المدينة- سنة إحدى وثلاثين أو اثنتين وثلاثين.
دعا له الرسول بقوله " يرحم الله أبا ذر، يمشى وحده، ويموت وحده، ويحشر وحده" روى البخارى عن زيد بن وهب قال: مررت بالربذة فإذا بأبى ذر، فقلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية فى {الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله} فقال معاوية: نزلت فى أهل الكتاب، فقلت: نزلت فينا وفيهم، وكان بينى وبينه فى ذلك، فكتب إلَى عثمان يشكونى، فكتب إلىَّ عثمان أن أقدم المدينة، فقدمتها فكثر على الناس حتى كأنهم لم يرونى قبل ذلك، فذكرت ذلك لعثمان فقال: إن شئت تنحيت فكنت قريبا، فذاك الذى أنزلنى هذا المنزل، ولو أمَّروا علىَّ حبشيا لسمعت وأطعت.
والكنز الذى جاء فيه الوعيد الشديد ليس هو ما دفن فى الأرض، بل هو ما لم تؤد زكاته حتى لو كان على سطح الأرض، وما أديت زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين كما قال ابن عمر وجابر بن عبد الله، وهو الصحيح من الأقوال، وقيل: الكنز ما فضل عن الحاجة، وهو مروى عن أبى ذر وذلك مذهبه، يقول الفرطبى "ج ٨ ص ١٢٥" وهو من شدائده ومما انفرد به رضى الله عنه، ثم يقول: ويحتمل أن يكون مجمل ما روى عنه فى هذا ما روى أن الآية نزلت فى وقت شدة الحاجة وضعف المهاجرين وقصر يد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كفايتهم، ولم يكن فى بيت المال ما يسعهم، وكانت السنون الجوائح هاجمة عليهم، فنُهوا عن إمساك شىء من المال إلا على قدر الحاجة، ولا يجوز ادخار الذهب والفضة فى مثل ذلك الوقت. فلما فتح الله على المسلمين ووسع عليهم أوجب صلى الله عليه وسلم فى مائتى درهم خمسة دراهم وفى عشرين دينارا نصف دينار، ولم يوجب الكل، واعتبر مدة الاستنماء، فكان ذلك منه بيانا صلى الله عليه وسلم. انتهى