لماذا ألقى عيسى عليه السلام السلام على نفسه، حين قال {والسلام على يوم ولدت} ؟
الجواب
قال الله تعالى فى شأن يحيى عليه السلام حين بشر به أباه زكريا عليه السلام {وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا} مريم:١٥ وقال على لسان عيسى عليه السلام حين خاطب عيسى قومه {والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا} مريم: ٣٣.
إن كلا من النبيين العظيمين عليهم سلام وأمان من الله، أو تحية ألقاها الله على كل منهما، لكن السلام على يحيى كان فى مقام بشارة الله لأبيه به، مقدَّما قبل أن يولد، فهو سبحانه يحكى لزكريا صفات يحيى التى يكون عليها، والنعم التى أنعم بها عليه وقدَّرها قبل أن يولد، أو فى مقام إخبار الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بقصة زكريا ويحيى كما جاء فى صدر سورة مريم {ذكر رحمة ربك عبده زكريا. إذ نادى ربه نداء خفيا} ومقام الإخبار يناسبه قول الله عن يحيى {وسلام عليه} ويحيى لم يتكلم بذلك حتى يقول: والسلام علىَّ.
أما سيدنا عيسى فكان يتحدث عن نفسه، مبينا لقومه ما منَّ الله به عليه حيث قال {إني عبد الله آتانى الكتاب وجعلنى نبيا. وجعلني مباركا أينما كنت وأوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حيا. وبرا بوالدتى ولم يجعلنى جبارا شقيا} والسلام علىَّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا} مريم: ٣٠-٣٣.
هذا أحسن ما قال فى هذا الموضوع، وأما ما يروى أن عيسى عليه السلام قال ليحيى عليه السلام: أنت خير منى، لأن الله سلم عليك.
فليس له سند يعتمد عليه، فكلاهما قد سلم الله عليه، وكما قال بعض المفسرين: إن السلام المعرف بأل الذى قاله سيدنا عيسى عليه السلام هو السلام المنكر، أى الخالى من "أل" الذى كان من الله على يحيى، وذلك على حد قولهم: إن المنكر إذا كرر معرَّفا كان هو هو، فَأَلْ للعهد.
إن الموضوع يتصل باللفظ أكثر مما يتصل بالمعنى، فإن كلا من يحيى وعيسى قد حياه الله وأمنه وباركه، ونرجو أن نحظى بذلك إذا اتبعنا ما جاء به الله {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} الأنعام: ٨٢