[العمرة أفضل أم التصدق على الفقراء]
المفتي
عبد اللطيف حمزة.
١٧ جمادى الأول سنة ١٤٠٥ هجرية - ٧ فبراير سنة ١٩٨٥ م
المبادئ
١ - العمرة مطلوبة فى العمر مرة ويستحب تكرارها تطوعا.
٢ - قضاء مصالح وحاجات المسلمين المعدمين أولى من العمرة.
٣ - اذا استطاع المسلم أن ينفق فى وجوه الخير والبر وعنده ما يستطيع به الذهاب لأداء العمرة فلا مانع شرعا
السؤال
من السيد / أع ج بطلبه المتضمن أنه بلغ من العمر خمسة وخمسين عاما وقام بأداء فريضة الحج عام ٧٨ وحج مرة عام ١٩٧٩ م ومنذ هذا يقوم كل عام بأداء العمرة مع زوجته ويجد فى هذه الرحلة راحة نفسية ويقول أنه قام بتربية جميع أولاده وتخرجوا من جميع الكليات وينوى هذا العام أن يؤدى العمرة كسابق عهده ولكن بمناقشة مع عالم جليل امام وخطيب مسجد فى بور سعيد أفاده بأن أداءه لهذه العمرة ليس لها أى معنى وخير له أن يصرف تكاليفها على أناس فقراء وأرسل الينا بعد أن ختم سؤاله بقوله أننى بهذه الرحلة استعيد نشاطى من عناء العمل طول العام حيث أنه يعمل بالتجارة فضلا عن العبادة فى الأماكن المقدسة.
فما حكم الشرع هل يذهب لأداء العمرة فضلا وتطوعا كل عام أم ينفق تكاليفها على الفقرا
الجواب
قال تعالى {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا} البقرة ١٢٥، وقال صلى الله عليه وسلم (الحج مرة فمن زاد فتطوع) وقال صلوات الله وسلامه عليه (العمرة الى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة) متفق عليه ومعنى الآية الكريمة السابقة ان الله تعالى جعل البيت الحرام مثابة للناس يعودون اليه شوقا بعد الذهاب عنه أى ان الله جعله محلا تشتاق اليه الأرواح تحن اليه لا تقضى منه وطرا ولو ترددت اليه كل عام استجابة من الله تعالى لدعاء ابراهيم عليه السلام فى قوله {فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم} إلى أن قال {ربنا وتقبل دعاء} فهناك تطمئن الأفئدة وترتاح النفوس وتزول الهموم وتتنزل الرحمات وتغفر الزلات.
ومعنى الحديث الأول أن الحج فرض على القادر المستطيع مرة واحدة فى العمر فمن زاد فتطوع ونافلة فى التقرب إلى الله وذلك العمرة مطلوبة فى العمر مرة وتسمى الحج الأصغر وهى فى رمضان أفضل لمن أرادها دون حج ولا يكره تكرارها بل يندب ويستحب تكرارها للحديث الثانى (العمرة إلى العمرة إلخ) لأنها كما ورد تمحو الذنوب والخطايا.
وقد أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مرات.
أما بشأن التصدق على الفقراء والبائسين فقد روى مسلم عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا يستر عبد عبدا فى الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة.
وعن ابن عمر رضى الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة) متفق عليه وعن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه فى الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله فى الدنيا والآخرة، والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه) الحديث رواه مسلم وقال الله تعالى {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} الحج ٧٧، مما سبق يتبين ان الحج والعمرة ليسا واجبين على السائل بعد أداء الحج والعمرة الأولين بل يكونان تطوعا ونافلة فى التقرب الى الله، وقواعد الشريعة وحكمة الله تعالى فى توجيه عباده الى فعل الخير على أساس تقديم الأهم والأصلح وذلك يقتضى بأن يقدم السائل وأمثاله مصالح وحاجات اخواته المسلمين المعدمين الذين هم فى مسيس الحاجة إلى مايؤويهم وما يستعينون به على قضاء حوائجهم الضرورية فليس لله حاجة فى الطواف ببيته من شخص يترك أخوانه البائسين فريسة للفقر والجهل والمرض لأن المسلمين جميعا يجب أن يكونوا يدا واحدة يتعاونون على البر والتقوى.
واذا تألم عضو من جماعة المسلمين يجب على أخواته المسلمين أن يتجاوبوا معه ليزيلوا آلامه أو يخففوا عنه وأننا نرى أنه من الأولى بالأخ السائل مادام قد وفقه الله وأدى حجة الإسلام مرة فأولى به أن يوجه ما يفيض عن حاجته إلى أوجه الخير والانفاق على الفقراء والمساكين فنسأل الله تعالى أن يضاعف له الأجر والثواب، فان يسر الله عليه واستطاع أن ينفق فى وجوه الخير والبر وعنده ما يستطيع به الذهاب لأداء العمرة مرة بعد مرة فلا مانع شرعا.
وفقنا الله تعالى إلى فهم ديننا على الوجه الصحيح والهمنا الرشد والقبول والله سبحانه وتعالى أعلم