للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[زيارة القبور وبناؤها بالطوب الأحمر والمسلح]

المفتي

عبد اللطيف حمزة.

ربيع الآخرة سنة ١٤٠٥ هجرية - ١٢ يناير ١٩٨٥ م

المبادئ

١ - زيارة القبور مندوبة للرجال والنساء للعظة والاعتبار بشرط أمن الفتنة عند خروج النساء وعدم اشتمال زيارتهن على ما حرم الله.

٢ - الموتى ينتفعون بالدعاء والاستغفار لهم من الزائرين ويأتنسون بهم.

٣ - أحياء ذكرى الموتى لا سند لها فى الشريعة ولا هى من عمل الصحابة ولا من المأثور عن التابعين.

٤ - لا حرمة فى بناء القبور بالطوب الأحمر والمسلح لأنه أكثر صيانة للميت

السؤال

من السيد / عيد بطلبه المقيد برقم ٢٢٩ لسنة ١٩٨٤ م المتضمن استفساره عما يأتى: ١ - ما رأى الدين فى زيارة الموتى وهل صحيح أن الميت يشعر بوجود زائريه ويعرفهم.

٢ - ما رأى الدين فيمن توفى وأوصى بعدم اقامة سرادق له وبعدم قراءة القرآن والسبوع الخمسة عشر يوما والأربعين.

٣ - ما رأى الدين فى بناء المقابر بالطوب الأحمر والدبش والمسلح

الجواب

أما عن زيارة القبور فهى مندوبة للرجال والنساء للعظة والاعتبار بجلال الموت وحال من كانوا أحياء ثم صاروا ترابا فترق القلوب وتتدارك النفوس ما فاتها من الخير - فضلا عن أن الموتى ينتفعون بالدعاء والاستغفار لهم والسلام والترحم عليهم من الزائرين ويأتنسون بهم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تذكركم الآخرة) رواه مسلم والترمذى.

والخطبا للرجال ويشمل النساء لأنهن اشد حاجة إلى العظة والاعتبار هذا بشرط أمن الفتنة من خروجهن وعدم اشتمال زيارتهن على ما حرم الله وكان صلى الله عليه وسلم يزور أهل البقيع مرارا ويسم عليهم ويدعو لهم.

وقال ابن القيم ان الأحاديث والآثار تدل على أن الزائر متى جاء علم به المزور من الأموات وسمع سلامه ورد عليه وأنس به ويشهد لذلك ما جاء فى الصحيحين عن أبى طلحة قال لما كان يوم بدر وظهر الرسول على مشركى قريش أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ببضعه وعشرين من صناديدهم فألقوا فى القليب ونادى الرسول على بعضهم باسمائهم (أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا فانى وجدت ما وعد ربى حقا) فقال عمر رضى الله عنه يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها فقال الرسول صلى الله عليه وسلم (والذى نفسى بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم) وأخرج ابن عبد البر بأسناد صحيح عن ابن عباس مرفوعا.

(ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فى الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه) .

يتضح مما سبق أن الموتى يسمعون ويجيبون فى قبورهم ويعرفون من كانوا يعرفونه فى الدنيا اذا زارهم.

أما من توفى وأوصى بعدم اقامة سرادق له واحياء ذكراه فى الخمسين والأربعين وذبح ذبيحة خاصة بالميت الخ - فنفيد بأن كل هذه الأمور لا سند لشئ منها فى الشريعة الغراء ولا هى من عمل الصحابة ولا من المأثور عن التابعين وانما هى أمور مستحدثة ومبتدعة وفيها من المضار ما يوجب النهى عنها وفيها اضاعة للمال فى غير وجوهه المشروعة، وقد يكون أهل الميت أحوج اليها فضلا عن أن فى احياء الذكرى (الخمسين والأربعين والذكرى السنوية) تكرارا للعزاء وتجديدا للأحزان وهو غير مشروع.

لأن التعزية مرة واحدة كما ورد فضلا عن أن هذه الأمور المبتدعة لا ينال الميت منها رحمة أو مثوبة اللهم الا قراءة القرآن من مقرئ مخلص يتقى الله ولايغالى فى أجر قراءته ويهب ثواب القراءة لروح الميت والتصدق على روح الميت فان ذلك ينفعه باذن الله.

أما ما يفعل بقصد السمعة والتفاخر فليس من الإسلام فى شئ.

ونرى وجوب تنفيذ وصية الميت لأنها إيصاء بتنيذ شرع الله.

أما عن بناء المقابر بالطوب الأحمر والدبش والمسلح فاننا نرى أنه لا حرمة فى ذلك لأنه أكثر صيانة للميت من عبث العابثين أو من نبش سبع ونحوه بشرط عدم الاسراف والمغالاة فى بناء القبور والمتفاخر والمباهاة لأنها ليست سبيلا لذلك وكفى بالموت واعظا.

هذا وبالله التوفيق. والله سبحانه وتعالى أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>