[بول الطفل]
المفتي
عطية صقر.
مايو ١٩٩٧
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
يحدث أن طفلى الرضيع يبول على ملابسى وأجد مشقة فى خلعها وغسلها من أجل الصلاة، فهل يكفى المسح عليها دون حاجة إلى غسلها، وهل هناك فرق بين بول الطفل وبول الطفلة؟
الجواب
جاء فى صحيح البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالصبيان فيبرِّك عليهم يدعو لهم بالبركة - ويحنكهم بالتمر، فأتته أم قيس بنت محصن بابن لها لم يأكل الطعام، فبال فى حجره صلى الله عليه وسلم فلم يزد على أن دعا بماء فنضحه، أى رشه على ثوبه ولم يغسله غسلا.
وروى أحمد وأصحاب السنن إلا النسائى قوله صلى الله عليه وسلم "بول الغلام ينضح عليه، وبول الجارية يغسل " قال قتادة: وهذا ما لم يطعما، فإن طعما غسل بولهما.
يؤخذ من هذا أن بول الطفل والطفلة نجس، ويجب تطهير الثوب منهما، فقد ثبت ذلك من فعل النبى صلى الله عليه وسلم ومن قوله، والتطهير يكون بنضح بول الطفل الذكر، وبغسل بول الطفلة الأنثى، والشرط فى ذلك عدم تغذيهما بالطعام كما قال قتادة.
والإمام النووى ذكر فى شرح صحيح مسلم " ج ٣ ص ١٩٣ " اختلاف العلماء فى كيفية طهارة بول الولد والبنت -وقال إن القول بوجوب غسلهما والقول بالاكتفاء بنضحهما شاذان ضعيفان -أى القول بوجوب الغسل مطلقا فيهما، والقول بالاكتفاء بالنضح مطلقا فيهما شاذان ضعيفان -واختار القول الصحيح المشهور عند الشافعية والحنابلة وما ذهب إليه ابن وهب من أصحاب مالك، وروى عن أبى حنيفة، وهو نضح بول الولد وغسل بول البنت، كما يدل عليه حديث أحمد ومن معه، وحكم بصحته الحافظ ابن حجر فى الفتح. [أبو حنيفة ومالك يقولان بوجوب غسلهما فى المشهور عنهما] .
والنضح -كما اختاره النووى من أقوال العلماء -هو غمر الثوب بالماء غمرا كثيرا لا يبلغ درجة جريانه وتقاطره ولا يشترط عصره، والشرط فى الاكتفاء بالنضح -كما قال قتادة - ألا يطعم الرضيع شيئا غير لبن المرضع. فلو تناول طعاما على جهة التغذية فإنه يجب غسل بوله بلا خلاف. وعليه فإن الأولاد الذين يعتمدون الآن على الغذاء الصناعى أكثر من لبن المرضع يجب غسل بولهم، ولا يكتفى بالنضح والرش، ولا يجوز المسح كما جاء فى السؤال.
أما عن الفرق فى الحكم بين الصبى والصبية فأقول: إن تنفيذ الأحكام الشرعية لا يشترط له النص على حكمة مشروعيتها. فإن كانت منصوصة فبها، وإلا كان علينا الاتباع ولا مانع من البحث لمعرفة حكمة التشريع وسواء صح ما وصل إليه البحث أو لم يصح فذلك لا يؤثر على الحكم الشرعى.
وقد حاول العلماء أن يجدوا حكمة لهذا التفريق فأتوا بوجوه ذكر صاحب "كفاية الأخيار" فى فقه الشافعية عن الشيخ تقى الدين بن دقيق العيد أنها ركيكة جدا لا تستحق أن تذكر، وهى راجعة إلى اختلاف طبيعة البول لكل من الولد والبنت تحتاج فى تحقيقها إلى ذوى الخبرة.
ومن أقرب الوجوه أن النفوس أشد تعلقا بالصبيان الذكور، ولذلك يميل الناس وبخاصة الآباء والأمهات إلى حملهم كثيرا، فخفف الله عنهم فى طهارة بولهم. وهذا المعنى مفقود غالبا بالنسبة للإناث فجرى الغسل فيهن على القياس.
هذا ما قالوه، والله أعلم بصحته، وإن كان الحكم لا يتغير