يقال إن النبى صلى الله عليه وسلم نزل أرضا وصلى بها ليلة الإسراء قبل أن يصل إلى المسجد الأقصى، فما هذه الصلاة، مع أن الصلاة فرضت ليلة الإسراء بعد العروج إلى السماء؟
الجواب
من الآيات التى رآها النبى صلى الله عليه وسلم فى ليلة الإسراء ما رواه البزار والطبرانى والبيهقى وصححه فى كتابه "دلائل النبوة" من حديث شداد ابن أوس أن النبى صلى الله عليه وسلم لما أسرى به مرَّ بأرض ذات نخل، فأمره جبريل أن ينزل من فوق البراق ليصلى، فصلى ثم أخبره أن المكان الذى صلى فيه هو يثرب أو طيبة، وإليها المهاجر، ثم أمره أن يصلى عندما مر بمدين عند شجرة موسى، وهى التى استظل بها بعد أن سقى الغنم للمرأتين قبل أن يلتقى بأبيهما-كما قال بعض الشراح -ولما مر الركب بطور سيناء أمره أن يصلى أيضا، وذلك حيث كلم الله موسى، وعند المرور ببيت لحم صلى أيضا، وذلك حيث ولد عيسى ابن مريم.
هذا هو ما ورد بطريق صحيح كما ذكره البيهقى، ولم أر حديثا صحيحا عن صلاته فى غير هذه الأماكن. وما رآه الرسول بهذه المناسبة بعضه ورد بطريق صحيح وبعضه الآخر بطريق غير صحيح، من ذلك ما رواه الطبرانى والبزار والبيهقى وابن جرير وأبو يعلى أن النبى صلى الله عليه وسلم أتى على واد فوجد فيه ريحا طيبة باردة كريح المسك، وسمع صوتا وأخبره جبريل بأنه صوت الجنة تبشر أهلها، ثم أتى على واد فسمع صوتا منكرا ووجد ريحا منتنة، فأخبره جبريل بأنه صوت النار، ولكن لم يحكم على هذه الرواية بالصحة أو الحسن أو الضعف. ومهما يكن من شىء فإن ذلك إذا كان ممكنا عقلا فإننا لا نكلف بالإيمان به، حيث لم يرد نص صريح قاطع يثبته، ورحلة الإسراء فى حد ذاتها رحلة غريبة، ولها فضلها وشرفها، وليست فى حاجة إلى إضافة شىء يزيدها شرفا بعد ما ورد من آثار صحيحة وأكرر التنبيه على عدم نسبة شىء إلى النبى صلى الله عليه وسلم هو منه برىء فقد قال "من كذب علىَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" رواه البخارى ومسلم. أما الصلاة التى صلاها فقد تكون ركعتين، لأن الصلاة كانت قبل الإسراء ركعتين أول النهار وركعتين آخره، وقد تكون تطوعا لله وقد مر ذلك عند صلاة النبى صلى الله عليه وسلم بالأنبياء فى المسجد الأقصى، فليراجع "المجلد الأول ص ٤٢٥ "