للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حديث " أنت ومالك لأبيك "]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

سافرت إلى بعض البلاد وكنت أرسل لأبى ما أدخره من أجل أن يبنى لى بيتا أو يشترى أرضا أكسب منها عيشا عندما أعود إلى بلدى، فوجدت أبى سجل ما اشتراه باسمه هو وقال إنه شركة بينك وبين إخوتك، ولما قلت له:

وأين كسبى؟ قال لى، أما أتعرف أن الرسول قال للولد: أنت ومالك لأبيك؟ فهل هذا صحيح؟

الجواب

إن الجهل بالدين سبب لكثير من ألون الانحراف، والطمع كذلك مدرجة للانزلاق، وضعف الروح الأخوية أو تحكم الأثرة والأنانية التى لا يقوم بها مجتمع سليم.

قال العلماء فى مظاهر بر الولد بوالديه: لابد من الإنفاق عليهما النفقة المناسبة من طعام وكساء ومسكن وما إلى ذلك من الضروريات، بشرط أن يكون ذلك فى وسع الولد، ولا يضر به ضررا واضحا، فإذا استولى الوالدان على مال ولدهما لحاجتهما إليه فلا شىء فيه بشرط عدم الضرر بالولد، كأن يأخذا ما يزيد على كفايتهما، ولا يمكنانه من أداء التزاماته الخاصة، وإلا كان على الولد أن يعطيهما فقط مقدار الكفاية، وهو النفقة الواجبة، ويبقى لنفسه ما يعيش به مع أسرته.

أخرج البيهقى عن قيس بن أبى حازم قال: جاء رجل إلى أبى بكر رضى الله عنه فقال: إن أبى يريد أن يأخذ مالى كله يجتاحه، أى لا يُبْقى منه شيئا، فقال لأبيه: إنما لك من ماله ما يكفيك. فقال: يا خليفة رسول الله، أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنت ومالك لأبيك "؟ فقال: نعم، وإنما يعنى بذلك النفقة "تاريخ الخلفاء للسيوطى ص ٦٦".

والحديث المذكور رواه ابن ماجه عن جابر، ورواه الطبرانى عن سمرة وابن مسعود بسند صحيح، جاء فى معجم المغنى لابن قدامة الحنبلى "ص ٢" أن للأب دون غيره أن يأخذ من مال ولده ما يشاء ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدمها، صغيرا كان الولد أو كبيرا، بشرطين: ألا يجحف بالابن ولا يضر به، ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته. وألا يأخذ من مال ولده فيعطيه لآخر.

وروى البيهقى فى الدلائل والطبرانى فى الصغير والأوسط بسند فيه من لا يعرف عن جابر: أن رجلا أتى النبى صلى الله عليه وسلم يشكو إليه والده بأنه أخذ ماله، فأرسل خلفه -استدعاه -فجاء إلى النبى وسأله عما يقوله ولده فقال: سَلْه، هل أنفقه إلا على إخوته وعماته؟ وبعد أن سمع منه أبياتا "انظر الجزء الخامس من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام " قال النبى لابنه "أنت ومالك لأبيك " وجاء فى تفسير الزمخشرى "الكشاف " أن الولد غَنى وأن أباه صار عاجزا يتوكأ على عصا، وأن النبى صلى الله عليه وسلم بكى لمنظره وأنه قال " ما من حجر ولا مدر يسمع هذا إلا بكى" ولكن مخرِّج أحاديث الكشاف قال: لم أجده فالحديث ضعيف.

ولما كان بعض الآباء يتحرج من أخذ شىء من مال أولاده، لأنه مال للغير، جاء النص الذى يطيِّب النفس بأخذ ما يحتاج إليه منه، ففى الحديث "إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا كسب أولادكم " رواه أبو داود وأحمد وابن ماجه. وهو صحيح ذكره السيوطى فى "الجامع الصغير" والبغوى فى "مصابيح السنة " وابن القيم فى "إعلام الموقعين، وفى زاد المعاد "ج ٤ ص ١٦٤ "

<<  <  ج: ص:  >  >>