[اطلاق اللحى]
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
شعبان ١٤٠١ هجرية - ٢١ يونيه ١٩٨١ م
المبادئ
١ - إطلاق اللحى من سنن الإسلام التى ينبغى المحافظة عليها.
٢ - إتلاف شعر اللحية بحيث لا ينبت بعده جناية توجب المساءلة بالدية على خلاف فى مقدارها.
٣ - إطلاق الأفراد المجندين اللحى اتباع لسنة الإسلام، فلا يؤاخذون على ذلك فى ذاته، ولا ينبغى إجبارهم على إزالتها، أو عقابهم بسبب إطلاقها
السؤال
بالكتاب ٦٠/٨١ المؤرخ ١٦/٦٦/١٩٨١ المقيد برقم ١٩٤ سنة ١٩٨١ وبه طلب بيان الرأى عن إطلاق الأفراد المجندين اللحى، حيث إن قسم القضاء العسكرى قد طلب الإفتاء بخصوص ذلك الموضوع، لوجود حالات لديها
الجواب
إن البخارى روى فى صحيحه عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (خالفوا المشكرين، ووفروا اللحى، واحفو والشوراب) وفى صحيح مسلم عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (احفوا الشوارب واعفوا اللحى) وفى صحيح مسلم أيضا عن عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (عشر من الفطرة قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم (البراجم مفاصل الأصابع من ظهر الكف (بتصرف مختار الصحاح)) ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء.
قال بعض الرواة وتسيت العاشرة، إلا أن تكون المضمضة) .
قال الإمام النووى فى شرحه حديث (احفوا الشوارب واعفوا اللحى) أنه وردت روايات خمس فى تلك اللحية، وكلها على اختلاف فى ألفاظها تدل على تركها على حالها، وقد ذهب كثير من العلماء إلى منع الحلق والاستئصال بين فقهاء المسلمين فى أن إطلاق اللحى من سنن الإسلام فيما عبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم فى الحديث السابق الذى روته عائشة (عشر من الفطرة) .
ومما يشير إلى أن ترك اللحية وإطلاقها أمر تقره أحكام الإسلام وسننه ما أشار إليه فقه (تحفة المحتاج بشرح المنهاج وحواشيها ج - ٩ ص ١٧٨ فى باب التعزير) الإمام الشافعى من أنه (يجوز التعزيز بحلق الرأس لا اللحية) وظاهر هذا حرمة حلقه على رأى أكثر المتأخرين.
ونقل ابن قدامة الحنبىل فى المغنى (ص ٤٣٣ ج - ٨ مطبعة الامام فى باب التعزير) أن الدية تجب فى شعر اللحية عند أحمد وأبى حنيفة والثورى، وقال الشافعى ومالك فيه حكومة عدل.
وهذا يشير أيضا إلى أن الفقهاء قد اعتبروا التعدى بإتلاف شعر اللحية حتى لا ينبت جناية من الجنايات التى تستوجب المساءلة، إما بالدية الكاملة كما قال الأئمة أبو حنيفة وأحمد والثورى، أو دية يقدرها الخبراء كما قال الإمامان مالك والشافعى.
ولا شك أن هذا الاعتبار من هؤلاء الأئمة يؤكد أن اللحى وإطلاقها أمر مرغوب فيه فى الإسلام وأنه من سننه التى ينبغى المحاظفة عليها.
لما كان ذلك كان إطلاق الأفراد المجندين اللحى ابتاعا لسنة الإسلام فلا يؤاخذون على ذلك فى ذاته، ولا ينبغى إجبارهم على إزالتها، أو عقابهم بسبب إطلاقها - إذ (لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق) وهم تبعون لسنة عملية جرى بها الإسلام.
ولما كانوا فى إطلاقهم اللحى مقتدين برسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجز أن يؤثموا أو يعاقبوا، بل إن من الصالح العام ترغيب الأفراد المجندين وغيرهم فى الالتزام بأحكام الدين، فرائضه وسننه، لما فى هذا من حفز همتهم، ودفعهم لتحمل المشاق، والالتزم عن طيب نفس حيث يعملون بإيمان وإخلاص.
وتبعا لهذا لا يعتبر امتناع الأفراد الذين أطلقوا اللحى عن إزالتها رافضين عمدا لأوامر عسكرية، لأنه - بافتراض وجود هذه الأوامر - فإنها - فيما يبدون ت لا تتصل من قريب أو بعيد بمهمة الأفراد، أو تقلل من جهدهم، وإنما قد تكسبهم سمات وخشونة الرجال، وهذا ما تتطلبه المهام المنوطة بهم.
ولا يقال إن مخالفة المشركين تقتضى - لأن - حلق اللحى، لأن كثيرين من غير المسلمين فى الجيوش وفى خارجها يطلقون اللحى، لأنه شتان بين من يطلقها عبادة اتباعا لسنة الإسلام وبين من يطلقها للمجرد التجمل، وإضفاء سمات الرجولة على نفسه، فالأول منقاد لعبادة يثاب عليها، إن شاء الله تعالى، والآخر يرتديها كالثوب الذى يرتديه ثم يزدريه بعد أن تنتهى مهمته.
ولقد عاب الله الناهين عن طاعته وتوعدهم {أرأيت الذى ينهى.
عبدا إذا صلى. أرأيت إن كان على الهدى. أو أمر بالتقوى.
أرأيت إن كذب وتولى. ألم يعلم بأن الله يرى} العلق ٩ - ١٤، والله سبحانه وتعالى أعلم