[صلاة غير المحجبة]
المفتي
عطية صقر.
مايو ١٩٩٧
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
أنا غير محجبة ولكن أصوم رمضان ٠ فهل يقبل الله صلاتى وصيامى؟
الجواب
العبادة إذا صحت يرجى أن يقبلها الله إذا كانت خالصة لوجهه، ولا ينبغى أن نجزم بالقبول، فالأمر مفوض إلى الله سبحانه وهو القائل "إنما يتقبل الله من المتقين " والراجح أن المراد بالمتقين هنا المؤمنون لا المشركون، لأنها وردت فى قصة هابيل وقابيل، أما المتقون من المؤمنين فهم الذين لا يعصون الله، وإن عصوه بادروا بالتوبة، وهؤلاء أعمالهم الصالحة مقبولة كما أخبر الله، وذلك من باب التفضل منه، وليس من باب الوجوب عليه وهم فى الدرجة العليا من القبول.
أما المؤمنون الذين يعصون الله فإن أعمالهم الصالحة لا يحرمهم الله من قبولها، كما قال سبحانه {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا} الكهف: ٣٠، إلى جانب أن يعاقبهم الله على سيئاتهم كما قال سبحانه {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} الزلزلة: ٧، ٨.
فالتى تصلى وتصوم صوما صحيحا خالصا لوجه الله يرجى قبول عملها، ومع ذلك تعاقب على خلع الحجاب لأنه معصية، وإذا كان الله سبحانه وتعالى يقول {إن الحسنات يذهبن السيئات} هود:
١١٤، فهو أعلم بحجم المعصية وهل يمكن لثواب الطاعة أن يذهب عقابها، ذلك أمر موكول إليه سبحانه.
والمؤمن لا ينبغى أن يركن إلى العفو ويؤمل المغفرة، وينزع من قلبه الخشية والخوف من الله حتى لا يتمادى فى العصيان. بل الواجب عليه إذا فعل معصية أن يبادر بالاستغفار والتوبة حتى يغفر الله له. قال تعالى {وإنى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} طه: ٨٢، وفى الحديث الذى رواه الترمذى " اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن ".
وأنبه إلى أن المتمردة على الحجاب غير خائفة من الله، لا تبالى بأمره ولا تخشى عقابه، فهل إذا صلت أو صامت تكون خائفة من عقاب الله إذا لم تصل ولم تصم؟ لو كانت صلاتها أو صيامها مع هذا الخوف اللازم للقبولا لكان لهذا الخوف أثره على سلوكها فالتزمت الحجاب، فتمردها على الحجاب أمارة على أنها كانت تصلى وتصوم بدون خوف من الله، وبالتالى لا يقبل الله منها صلاتها ولا صيامها. قال تعالى {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} العنكبوت: ٤٥، وفى المأثور: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا.
روى من حديث الحسن مرسلا بإسناد صحيح. ورواه الطبرانى وأسنده ابن مردويه فى تفسيره بإسناد لين، والطبرانى من قول ابن مسعود: من لم تأمره صلاته بالمعروف وتنهه عن المنكر لم يزدد من الله إلا بعدا وإسناده صحيح " العراقى على الإحياء ج ١ ص ١٣٤ " وفى الحديث الصحيح أن امرأة ذكرت عند الرسول صلى الله عليه وسلم بكثرة صيامها وصلاتها غير أنها تؤذى جيرانها بلسانها فأخبر أنها لا خير فيها وأنها فى النار.
فالخلاصة أن علامة قبول الطاعة استقامة السلوك، مع العلم بأن قبول العبادة شىء وصحتها شىء آخر، فقد تكون الصلاة صحيحة بأركانها وشروطها ولكنها غير مقبولة عند الله ولا يحكم عليها بأنها باطلة فليس هناك ربط بين الصحة والقبول. وقد جاء فى الحديث " إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته أو تسعها أو ثمنها أو سبعها أو سدسها أو خمسها أو ربعها أو ثلثها أو نصفها " رواه أبو داود والنسائى وابن حبان فى صحيحه.
ومع كل ما تقدم لا ننسى قوله الله تعالى {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} النساء: ٤٨، لكن لا ينبغى أن نرتكن على المشيئة فربما لا يشاء الله المغفرة للإنسان، كما لا ينبغى الارتكان على قوله تعالى {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم، إن الله غفور رحيم} التوبة: ١٠٢، بل ينبغى أن نبادر بالتوبة من المعصية رجاء أن يختم الله لنا بالخير