للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عزل الناظر نفسه وما يترتب عليه]

المفتي

عبد المجيد سليم.

جمادى الأولى ١٣٢٨ هجرية - ١٤ أكتوبر ١٩٢٩ م

المبادئ

١ - عزل الناظر نفسه وإخراج القاضى له مسقط لحقه فى النظارة مستقبلا.

٢ - الناظر المعين بدون أجر إذا كان مثله لا يقبل النظر إلا بأجر فله أجر مثله لأنه هو المعهود حينئذ، والمعهود كالمشروط

السؤال

من حميدة عبد الغنى السؤال الآتى ما قولكم دام فضلكم بأن المرحوم السيد على وقف وقفا بمقتضى إشهادين شرعيين أحدهما صادر من محكمة العياط الشرعية بتاريخ ٧ أكتوبر سنة ١٩٢٠ والآخر صادر من محكمة منفلوط الشرعية بتاريخ ٢٢ يناير سنة ١٩٢٣ نمرة ٤٢ وأنشأ وقفه على نفسه مدة حياته ثم من بعد وفاته يكون النظر لزوجته الست حميدة بنت عبد الغنى، وقد توفى الواقف وآل النظر والوقف لزوجته الست حميدة، ثم لسبب ما من الأسباب تنازلت الست حميدة عن النظر على الوقف المذكور إلى ابن زوجها محمد على الخشاب بمقتضى تقرير نظر صادر من محكمة أسيوط الشرعية بتاريخ ٨ مارس سنة ١٩٢٤ وهو مرفق بهذا الطلب ومعه الإشهادان الشرعيان المذكوران لاطلاع فضيلتكم عليهم وردهم إلى لضرورة لزومهم - وقد تبين فى تقرير النظر أن المحكمة الشرعية المختصة قبلت التنازل عن النظر من الست حميدة، وعينت ابن زوجها محمد على الخشاب بصفته ناظرا مؤقتا بدون أجر حسب شرط الواقف.

فهل يحق شرعا للست حميدة المتنازلة عن النظر أن ترجع عما تنازلت عنه وتطلب النظر لنفسها أم لا - وهل يحق للناظر المؤقت الحالى أن يجعل لنفسه أجرا باعتبار المائة خمسة بدون إذن من المحكمة الشرعية أم لا ومعه إشهاد توبة صادر من محكمة مصر الشرعية

الجواب

اطلعنا على هذا السؤال وعلى حجتى الوقف وما معهما من الأوراق ونفيد أولا بأن الفقهاء نصوا على أن من فرغ عن وظيفته وقرر القاضى غيره - سواء أكان المفروغ له أم لا - سقط حقه فيها، وما ذاك إلا لأنه يعتبر تاركا لحقه مسقطا إياه وهذا المعنى موجود فيمن عزل نفسه فأخرجه القاضى وأقام غيره بدله، فإنه يعتبر تاركا لحقه مسقطا له، وإذا لا يعود إليه الحق، لما نص عليه الفقهاء من أن الساقط لا يعود، وحينئذ فليس للناظرة المذكورة حق فى النظر بعد عزلها نفسها وإخراج القاضى لها وإقامة غيرها بدلها.

نعم قد قال الخصاف أنه إذا أخرج الناظر لخيانة فتاب وأناب ورجع عما كان عليه وجب على القاضى أن يرده بعد إخراج القاضى إياه من النظر للخيانة.

ولعل ذلك من الخصاف مبنى على أن الخيانة استوجبت إخراجه من النظر ومنعت القاضى من إبقاء ولاية هذا الناظر، وبالتوبة زال هذا المانع المقتضى لإخراجه، وليس مبنيا على سقوط حقه فى النظر حتى يعتبر فى هذه الحالة مخالفا لقاعدة أن الساقط لا يعود.

وليس ما معنا من قبيل ما قاله الخصاف، على أن ما قاله الخصاف ليس متفقا عليه كما يدل عليه ما نقل عن محمد بن أبى سلمة من أن الوصى إذا ادعى دينا على الميت وليس له بينة فإن القاضى يعزله عن الوصاية، وإن كان له بينة فإن القاضى ينصب للميت وصيا حتى يقيم المدعى البينة عليه، ثم القاضى بالخيار بعد ذلك إن شاء ترك الثانى وصيا وصار الأول خارجا عن الوصاية، وإن شاء أعاد الأول إلى الوصاية بعد ما قضى دينه، وقد عللوا ذلك بأن إخراجه محض قضاء منه لعدم الخيانة من الوصى، ولا يلزم الحاكم الدوام على قضائه وحكمه.

فقد رأى محمد بن أبى سلمة عدم عود الحق فى الوصاية غلى الوصى بعد زوال السبب الذى من أجله أخرج منها.

والناظر وصى بعد وفاة الواقف، وهذا يخالف ما ذهب إليه الخصاف.

والخلاصة أنه يظهر لنا من كلام الفقهاء أنه فى حالة عزل الناظر نفسه وإخراج القاضى إياه لا يعود إليه الحق فى النظر إذا طلب ذلك - وثانيا - بأنه قد تبين من الاطلاع على حجة وقف الأطيان أن الواقف جعل للناظر أجرا هو خمسة فى المائة إذ جاء فيها ما نصه (ومنها أن الناظر على هذا الوقف يأخذ أجرة قدرها خمسة فى المائة من مجموع ريع هذا الوقف بعد دفع الأموال الأميرية وعمل ما يلزم للوقف من عمارة وتصليح) - وإذا فللناظر الذى أقامه القاضى بدل الناظرة المستقيلة أن يأخذ ما جعله الواقف لناظر هذا الوقف من ريع الأطيان على الوجه المذكور بحجة وقفها - وأما وقف المنزل فلا يستحق الناظر أجرا على نظره عليه إلا إذا كان مثله لا يعمل إلا بأجر ففى هذه الحالة يستحق أجر مثله فقط، فإن كانت الخمسة فى المائة من ريع وقف المنزل لا تزيد عن أجر مثله فهو مستحق لها، ولا يمنع من ذلك عدم تقرير أجرة له من القاضى، ففى تنقيح الحامدية ما نصه (سئل) فى ناظر وقف أهل مقرر فى وظيفة النظر بموجب صح من قبل قاض شرعى لم يجعل له شيئا فى مقابلة عمله فى الوقف من ريعه ولا شرط الواقف له شيئا وعمل فى الوقف، فهل يستحق أجرة المثل إذا عمل فى مقابلة عمله (الجواب) نعم أقول قال فى البحر وأما بيان ماله فإن كان من الواقف فله المشروط ولو كان أكثر من أجرة المثل وإن كان منصوب القاضى فله أجر مثله واختلفوا هل يستحقه بلا تعيين القاضى، فنقل فى القنية أولا أن القاضى لو نصب قيما مطلقا ولم يعين له أجرا فسعى فيه سنة فلا شىء له.

وثانيا أن القيم يستحق أجر مثله سعيه سواء شرط له القاضى أو أهل المحلة أجرا أو لا، لأنه لا يقبل القوامة ظاهرا إلا بأجر والمعهود كالمشروط - ووفق الخير الرملى فى حواشيه بحمل القول الأول على ما إذا لم يكن معهودا انتهت عبارة التنقيح - ويؤخذ من كلامهم فى باب الوصى أن له أن يأخذ أجر مثله بدون رجوع إلى القاضى فى الحالة التى يجب له أجر مثل سعيه فيها - ومن هنا يعلم ما قلناه سابقا من أن هذا الناظر إذا كان مثله لا يقبل النظر إلا بأجر فله أجر مثله، لأنه هو المعهود حينئذ، والمعهود حينئذ، والمعهود كالمشروط وله أن يتناول ذلك، أما إذا لم يكن كذلك فلا حق له إلا بتقرير القاضى.

هذا. والله سبحانه وتعالى أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>