[اشتراط الواقف عدم سداد الدين من غلة الوقف]
المفتي
عبد المجيد سليم.
جمادى الآخرة ١٣٤٩ هجرية - ١٣ نوفمبر ١٩٣٠ م
المبادئ
١ - اشتراط الواقف عدم سداد دين المستحق من غلة الوقف، وإن كان شاملا للواقف والمستحق، إلا أنه من الشروط التى لا يجب ابتاعها شرعا، لنه اشتراط ما ليس بمشروع.
٢ - نص الفقهاء على أن المتسحق يملك نصيبه من غلة بقبض الناظر، وله أن يتصرف فيه بجميع وجوه التصرف، وليس للواقف أن يمنعه من هذا التصرف المشروع.
٣ - ليس للواقف أن يشترط لنفسه سداد ما عليه من ديون - من ريع الوقف - بعد وفاته، لأن هذا يضر بالمستحقين بعده، ما لم يكن دينا على عين الوقف من قبل الإشهاد به
السؤال
من محرم أفندى بما يأتى وقف حضرة عبد المجيد أفندى أطيانا كانت فى ملكه إلى وقت وقفها وأنشأها على نفسه ثم من بعده على من عينهم به، وشرط فيه شروطا منها أن من استدان دينا من المستحقين لا يقضى من غلة الوقف، ومنها إن الواقف جعل لنفسه دون غيره من المستحقين فى جميع الطبقات شروط البدل والاستبدال والتغيير بما هو فى مصلحة الوقف والمستحقين وأن يفعل ذلك ويكرره مرارا كلما بدا له فعله على يد الحاكم الشرعى وذلك كما فى حجة واقفه المحررة من محكمة الزقازيق الابتدائية الشرعية فى ١٥ أكتوبر.
سنة ١٩١٨ فهل يرى فضيلة المفتى أن شرط امتناع تسديد المستحقين دينهم من ريع الوقف شاملا للواقف فيتناوله، وإذا كان الأمر كذلك.
فهل لا يرى فضيلته أن للواقف بمقتضى ما له من حق التغيير المذكو فى وقفه بنصه على تخصيص ذلك الشرط بمن عداه من المستحقين وبأن يبدأ من ريع الوقف بسداد ما عليه وما يستدينه من الديون لأربابها واستمرار هذا السداد إلى انتهائه سواء فى حياته أو بعد وفاته
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتاب الوقف ونفيد أولا - بأن شرط الواقف الأول وهو (أن من استدان دينا من المستحقين لا يقضى بمن غلة الوقف) وإن كان شاملا للواقف جريا على ما قاله الأكثر من أن المتكلم داخل فى عموم متعلق كلامه، وليس هنا ما يخصص هذا العالم الشامل للواقف من لفظ أو غرض مدلول عليه بكلامه هذا الشرط وإن كان شاملا للواقف كما قلنا، فهو شرط لا يجب اتباعه على ما ظهر لنا سوء الواقف فى ذلك وغيره، وذلك لأن المستحق يملك نصيبه من الغلة بقبض الناظر، على ما نص عليه الفقهاء، فيكون هذا النصيب كسائر أمواله له أن ينصرف فيه بجميع وجوه التصرف التى منها قضاء دينه منه، وليس للواقف أن يمنعه من هذه التصرفات المشروعة، نعم كان له أن يرتب على قضاء الدين من نصيبه حرامانه من الاستحقاق ولكنه لم يصنع هذا وإنما رتب الحرمان على تسبب المستحق فى الحجز على نصيبه من غلة الوقف كما جاء فى الشرط الذى بعد هذا الشرط، ولم يرتب الحرمان على قضاء الدين من الغلة التى يتملكها إذا كان هذا القضاء لا بطريق الحجزك والخلاصة أن هذا الشرط من الشروط التى لا يجب ابتاعها شرعا، والفقهاء وإن نصوا على أنه يجب اتباع شرط الواقف فقد نصوا أيضا على شورط كثيرة لا يجب اتباعها كاشتراط مالا فائدة فيه واشتراط ما ليس بمشروع واشتراط شىء يكون مصلحة الوقف والمستحقين فى مخالفته، وهذا الشرط الذى قلنا إنه لا يجب اتباعه لا يخرج عما نصوا على أنه لا يتبع.
وثانيا - إن الواقف قد قيد ما حفظه لنفسه من شروط البدل والاستبدال والتغيير بما هو فى مصلحة الوقف والمستحقين فليس له حق التغيير فى المصارف بما يضر المستحقين، وإذن ليس له أن يشرط أنه يبدأ من ريع الوقف بسداد ما عليه من الديون وما يستدينه منها لأربابها بعد وفاته، لأن هذا مضر بالمستحقين بعده، وهذا ليس له حق فيه بمقتضى ما حفظه من الشرط المقيد بما ذكر.
نعم إذا كانت الديون على الموقوف قبل الوقف وشرط أن يبدأ من الريع بسداد هذا الدين الذى على العين الموقوفة قبل وقفها كان له أن يشرط ما ذكر لأنه يملكه بمقتضى الشرط المذكور، لأن فيه مصلحة للوقف والمستحقين إذ فيه دفع غائلة عن عين الوقف التى يكون ريعها بعده لهم لو لم يترك من المال ما يفى بهذا الدين والله أعلم