للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من أحكام الردة]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

لو تاب المرتد هل يقضى ما فاته من واجبات زمن الردة، وإذا لم يتب هل يقتل عاجلا أو يؤجل قتله، وكيف يكون التصرف معه بعد قتله؟

الجواب

معلوم أن المرتد هو من ينكر أمرا معلوما من الدين بالضرورة، ويستوى فى ذلك من ولد مسلما ومن أسلم بعد كفر. ويستوى فى ذلك أيضا من اعتنق دينا يقر عليه أهله كاليهودية والنصرانية ومن لم يعتنق هذين الدينين. وقد جاء فى عقوبته الدنيوية قوله صلى الله عليه وسلم "من بدل دينه فاقتلوه " رواه البخارى ومسلم.

وبصورة موجزة ألخص ما قاله الماوردى فى كتابه "الأحكام السلطانية " ص ٥٥، فقد جاء فيه: إن كان المرتدون أفرادا لم يتحيزوا بدار يتميزون بها عن المسلمين فلا نقاتلهم. وإنما نحاورهم، فإن ذكروا شبهة فى الدين أوضحت لهم بالحجج والأدلة حتى يتبين لهم الحق. وطلبنا منهم التوبة مما دخلوا فيه من الباطل، فإن تابوا قبلت توبتهم وعادوا إلى الإسلام كما كانوا، وعليهم بعد التوبة قضاء ما تركوه من الصلاة والصيام فى زمان الردة، لاعترافهم بوجوبه قبل الردة، وقال أبو حنيفة: لا قضاء عليهم كمن أسلم عن كفر. ومن كان من المرتدين قد حج فى الإسلام قبل الردة لم يبطل حجه بها ولم يلزمه قضاؤه بعد التوبة، وقال أبو حنيفة، قد بطل بالردة ولزمه القضاء بعد التوبة.

ومن أقام على ردته ولم يتب وجب قتله، رجلا كان أو امرأة. وقال أبو حنيفة: لا أقتل المرأة بالردة. وقد قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالردة امرأة كانت تكنى "أم رومان ". ولا يجوز إقرار المرتد على ردته بجزية ولا عهد، ولا تؤكل ذبيحته، ولا تنكح منه امرأة.

واختلف الفقهاء فى قتل المرتدين هل يعجل فى الحال أو يؤجلون فيه ثلاثة أيام؟ هناك قولان، قول بتعجيل قتلهم فى الحال حتى لا يؤخر لله حق، وقول بإنظارهم ثلاثة أيام لعلهم يتوبون، وقد أنظر على كرم الله وجهه "المستورد العجلى" بالتوبة ثلاثة أيام ثم قتله بعدها، والقتل يكون بالسيف، وقال ابن سريج من أصحاب الشافعى: يضرب بالخشب حتى يموت، لأنه أبطأ قتلا من السيف، ولعله يستدرك بالتوبة، وإذا قتل لم يغسل ولم يصل عليه ولا يدفن فى مقابر المسلمين، بل ولا فى مقابر المشركين ويكون ماله فيئا فى بيت مال المسلمين، لأنه لا يرثه عنه مسلم ولا كافر. وقال أبو حنيفة: يورث عنه ما اكتسبه قبل الردة، ويكون ما اكتسبه بعد الردة فيئا وقال أبو يوسف يورث عنه ما اكتسبه قبل الردة وبعدها.

"تذييل ".

لا يقال إن الأمر بقتل المرتد مصادرة لحرية العقيدة، لأن المرتد عن الدين قد دخل فيه غالبا للكيد للمسلمين {وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذى أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون} آل عمران: ٧٢، فقتله هو دفاع عن المسلمين.

أما الكافر الأصلى فالإسلام يعرض عليه دون إكراه، وإن لم يؤمن عاملناه على ضوء قوله تعالى {فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم} التوبة: ٧

<<  <  ج: ص:  >  >>