يتزاحم الواقفون بعرفة من أجل الصعود على جبل الرحمة فهل هذا الصعود من متممات الوقوف، وهل له أصل من السنة؟
الجواب
الوقوف بعرفة هو الركن الأكبر فى الحج وجاء التعبير عن ذلك فى الحديث الشريف "الحج عرفة" رواه أحمد وأبو داود والترمذى وقال: حسن صحيح وقد صح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "وعرفة كلها موقف" كما رواه مسلم.
أكد الرسول بقوله هذا أن الحج لا يصح بدون الوقوف بعرفة، وأن أى موضع منها يمكن الوقوف به، فقد كان الحمس المتشددون فى دينهم من قريش ومن تابعها يقفون بالمزدلفة لأنها فى الحرم ويتركون الوقوف بعرفة لعامة الناس لأنها فى الحل، فنزل فى ذلك قوله تعالى {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} البقرة: ١٩٩ أى من عرفة إلى المزدلفة، ولما حج الرسول حجة الوداع وخطب الناس فى نَمِرَة توجه الى جبل عرفة ووقف على الصخرات واستقبل القبلة وأخذ يدعو ربه.
وكثير من المسلمين يحاول تتبع آثار النبى صلى الله عليه وسلم ليقول مثل قوله ويعمل مثل عمله، ويحرص على الاقتداء به فى كل صغيرة وكبيرة، بناء على عموم قوله تعالى {لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة} الأحزاب: ٢١ وهذا أمر طيب لكى ينبغى الفرق بين الاقتداء فى الواجبات والاقتداء فى المندوبات فالواجبات لابد من القدوة بها، أما المندوبات فتستحب القدوة إن أمكنت دون تكلف ومشقة ودون إضرار بالغير، فالله لا يكلف نفسا إلا وسعها والإسلام لا ضرر فيه ولا ضرار.
والوقوف بعرفة عند الصخرات كما وقف النبى صلى الله عليه وسلم ليس واجبا وكذلك الصعود على جبل الرحمة فالوقوف يتم بدون ذلك، ولو وجب لكانت فيه مشقة فوق المشقة الأخرى فى التنقل بين المشاعر. يقول النووى: وما اشتهر بين العوام من الاعتناء بصعود الجبل وتوهمهم أنه لا يصح الوقوف إلا فيه فغلط، بل الصواب جواز الوقوف فى كل جزء من أرض عرفات، وأن الفضيلة فى موقفه صلى الله عليه وسلم عند الصخرات، فإن عجز عنه فليقرب منه بحسب الإمكان. [الزرقانى ج ٨ ص ١٧٩]