إنسان تواكل على الله فى أمر ما ولم يأخذ بما يكفى من الأسباب لكنه دعا الله بكل ما يعرف من أدعية مستجابة ليقضى الله له أمره، لكن الله لم يوفقه فى ذلك على الرغم من دعائه فلماذا؟
الجواب
التوكل على الله لا يفيد إلا بعد اتخاذ الأسباب، وبدون ذلك يكون تواكلا وهو مذموم، ويشير إليه قول عمر: لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقنى، فإن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة.
والذى لا يتخذ الأسباب لا يقبل دعاؤه، والرسول نفسه نبه بعض الصحابة إلى ذلك حيث طلب واحد منهم مرافقته فى الجنة، فقال له:" فأعنِّى على ذلك بكثرة السجود " أى الصلاة.
مع العلم بأن الدعاء لا يقبل إلا بشروط، منها طاعة الداعى لله وعدم عصيانه، والتعفف عن أكل الحرام، وكون الدعاء بخشوع وحضور الذهن والقلب، على نسق ما جاء فى قبول الله دعاء أيوب وذى النون وزكريا، حيث قال الله تعالى:{إنهم كانوا يسارعون فى الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين} الأنبياء: ٩٠ وعدم الاستعجال حيث يقول: دعوت فلم يستجب لى.
وعلى فرض أن الداعى فيه هذه المواصفات، فإن الاستجابة تكون بصور مختلفة، إعطاء الداعى ما سأله أو صرف سوء عنه يكون أحسن من نيل المطلوب أو ادخار الإجابة إلى الآخرة فهى أفضل من الدنيا، والله يختار ما هو خير للداعى المؤمن المطيع الخاشع، فقد يكون منع الإجابة أفضل، قال تعالى {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا فى الأرض ولكن ينزِّل بقدر ما يشاء} الشورى: ٢٧ وفى المأثور: "إن من عبادى من لا يصلحه إلا الفقر".
وقد يكون عدم الاستجابة امتحانا لإيمان الإنسان، هل يرضى بقضاء الله ويصبر على البلاء الذى يشكو منه، أو يجزع ويعترض، {ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين. الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} البقرة: ١٥٥ - ١٥٧