قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} الجمعة: ٩ وقال بعد ذلك {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما} .
يؤخذ من هذا أن من مقاصد تشريع صلاة الجمعة الاستماع إلى ذكر الله بالخطبة التى تلقى، أو ذكر الله بالصلاة نفسها، ففيها ذكر كثير، وذمَّ الله جماعة تركوا الرسول قائما يخطب وانصرفوا عنه إلى التجارة واللهو، وكانت الخطبة بعد الصلاة، ثم جعلت قبلها حتى يحبس الناس لسماعها.
وكل اجتماع سابق قبل الإسلام عند العرب فى المواسم والأسواق كان -لا يخلو غالبا من خطابة نثرية أو شعرية، فهو فرصة لعرض الآراء وطرح المشكلات واقتراح الحلول. وكعب بن لؤى أحد أجداد النبى صلى الله عليه وسلم كان يخطب فى قريش يوم العروبة وهو يوم الجمعة، ويذكرهم بمبعث رسول.
ولأهمية خطبة الجمعة حرص عليها النبى صلى الله عليه وسلم لأنها وسيلة من وسائل التبليغ الجماعى، وقال جمهور العلماء بأنها واجبة، لا تصح صلاة الجمعة بدونها، بناء على الأمر بالسعى إلى ذكر الله إذا نودى لصلاة الجمعة وعلى مواظبة النبى صلى الله عليه وسلم عليها ولقوله:
"صلوا كما رأيتمونى أصلى" رواه البخارى.
لكن قال الحسن البصرى وداود الظاهرى والجوينى وبعض علماء المالكية: إنها سنة لا واجبة، أى تصح صلاة الجمعة بدون الخطبة، لأن أدلة الوجوب ليست قاطعة الدلالة عليه فلا تفيد أكثر من الندب.
ومهما يكن من شىء فلا ينبغى تركها، وهى فى بعض المذاهب يسيرة، فالحنفية اكتفوا فيها بمجرد ذكر الله، كقول الخطيب، الحمد لله، قاصدا بذلك الخطبة والمالكية، قالوا: يكفى اشتمالها على موعظة من ترغيب ترهيب، مثل: اتقوا الله حتى يرضى عنكم، ولا تعصوه حتى لا يعذبكم، ولا داعى إلى التمسك بمذهب الشافعى الذى يحتم أن تكون مشتملة على خمسة أمور، حمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله، والأمر بالتقوى فى كل من الخطبتين، وقراءة آية فى إحداهما والأولى أولى، والدعاء للمؤمنين والمؤمنات فى الثانية ودين الله يسر