أرجو تفسير قوله تعالى:{يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى} الأنعام:٩٥؟
الجواب
تكرر هذا القول فى القرآن أكثر من مرة، واختلف المفسرون فى معناه، فقال بعضهم: المراد ولادة المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن، على تشبيه الإيمان بالحياة وتشبيه الكفر بالموت، ذلك أن المؤمن يفعل الخير ليسعد به ويُسعد مجتمعه، كالجسد إذا كان فيه الروح التى تبعثه على الحركة والنشاط، والكافر لا يفعل خيرا يسعد به نفسه ويسعد مجتمعه، كالجسد الذى سلبت منه الروح، فلا تبقى معه حركة ولا نشاط، وما يفعله الكافر إن سعد به فى دنياه فلا يسعد به فى أخراه، وهي الدار الباقية، كما قال سبحانه {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} الفرقان: ٢٣.
ويشهد لهذا المعنى ما روى أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل على نسائه فوجد معهن إحدى خالاته، وهى خالدة بنت الأسود بن عبد يغوث، وكانت مؤمنة وكان أبوها كافرا فقال "سبحان الله الذى يخرج الحى من الميت ".
وقال بعض المفسرين إن المراد بالحياة والموت حقيقتهما، فالله ينى الإنسان وهو حى من النطفة وهى ميتة، ويخرج النطفة وهى ميتة من الإنسان وهو حى، كما أنه يخرج الدجاجة وهى حية من البيضة وهى ميتة، ويخرج البيضة وهى ميتة من الدجاجة وهى حية.
وإذا قيل: إن النطفة فيها حياة مستكنة أى فى أطوارها الأولى بسبب تلقيح البويضة بالحيوان المنوى، كما يقال ذلك فى بيضة الدجاجة الملقحة - فإن هذه الحياة كالموت بالنسبة للحياة بعد نفخ الروح فى الجنين، حيث تكون الحركة والنشاط.
وعلى كل حال فالآية تدل على أمرين هامين، أحدهما أن العالم ليس مخلوقا بطبيعته، بل له خالق هو الله سبحانه، لأن مطبوع الطبيعة لا يختلف، كالآلة الصماء التى تخرج أفرادا متفقة لا تغاير فيها، والله سبحانه يغير ويبدل بقدرته، كما قال {قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شىء قدير. تولج الليل فى النهار وتولج النهار فى الليل وتخرج الحى من الميت وتخرج الميت من الحى وترزق من تشاء بغير حساب} آل عمران: ٢٦، ٢٧.
والأمر الثانى الذى تدل عليه الآية أن الذى خلق العالم إله واحد لا شريك له، لأنه هو القادر على ذلك، أما ما يعبده الكافرون فلا يستطيع أن يخلق كخلق الله، قال تعالى {أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكَّرون} النحل: ١٧ وقال {إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب} الحج: ٧٣