للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عزل الرجل عن زوجته خشية الانجاب]

المفتي

جاد الحق على جاد الحق

المبادئ

١- المحافظة على النسل من المقاصد الضرورية للأحكام الشرعية.

٢- اتفق الفقهاء على أن العزل مباح فى حالة اتفاق الزوجين على ذلك ولا يجوز لأحدهما دون موافقة الاخر.

٣- لا يجوز العزل عن النساء شرعا إذا كان القصد منه المنع من الحمل مطلقا

السؤال

من السيد المستشار / م م د بطلبه الذى يقول فيه أنه قد لجأ إليه بعض الوافدين على دولة الامارات يشكو مما تشكو منه بنته التى لم يمض على زواجها سوى عامين وزوجها من حملة الشهادات العالية وموسر.

وكلا الزوجين بصحة جيدة.

ومن ثم فليس هناك ما يستوجب خوف الفقر من الانجاب.

ولكن الزوج يقوم بالعزل عن زوجته دون أذنها ورضاها.

ويسأل عن حكم عزل الزوج عن زوجته بغير أذنها خشية الانجاب مع انتفاء جميع الموانع المادية والصحية الداعية إلى ذلك لأن هذه العادة لها من الأثر السىء اجتماعيا ودينيا وصحيا ما لا يخفى ويريد السائل م م أمن الوافدين بدولة الامارات بيان الحكم الشرعى فى ذلك

الجواب

مصدرا الأحكام فى الإسلام أصلها أساسيا هما القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة،يدل على هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتى) أخرجه الحاكم عن أبى هريرة رضى الله عنه وباستقراء آيات القرآن الكريم نرى أنه لم يرد منها نص صريح يحرم الاقلال من النسل أو منعه وإنما جاء فيه ما جعل المحافظة على النسل من المقاصد الضرورية للأحكام الشرعية، لكن ورد فى كتب السنة الشريفة أحاديث فى الصحيح وغيره تجيز العزل عن النساء بمعنى أن يقذف الرجل ماءه خارج مكان التناسل من زوجته بعد كمال اتصالهما جنسيا وقبل تمامه.

من هذه الأحاديث ما رواه جابر قال (كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل) متفق عليه.

وروى مسلم (كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغه ذلك فلم ينهنا) .

وقد اختلف الفقهاء فى اباحة العزل - بذلك المعنى - كوسيلة لمنع الحمل والاقلال من النسل وفى هذا يقول الامام الغزالى فى كتابه احياء علوم الدين فى آداب النكاح فى حكم العزل ما موجزه أن العلماء اختلفوا فى اباحة العزل وكراهيته على أربعة أقوال فمنهم من أباح العزل بكل حال، ومنهم من حرمه بكل حال، وقائل منهم أحل ذلك برضاء الزوجة ولا يحل بدون رضائها، وآخر يقول إن العزل مباح فى الاماء (المملوكات) دون الحرائر (الزوجات) - ثم قال الغزالى إنه لصحيح عندنا - يعنى مذهب الشافعى - أن ذلك مباح ويكاد فقهاء المذاهب يتفقون على أن العزل - أى محاولة منع التقاء منى الزوج ببويضة الزوجة - مباح فى حالة اتفاق الزوجين على ذلك - ولا يجوز لأحدهما دون موافقة الآخر والدليل على هذه الاباحة ما جاء فى كتب السنة من أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يعزلون عن نسائهم وجواريهم فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإن ذلك بلغه ولم ينه عنه.

وإذ كان ذلك كانت اباحة العزل الذى كان معمولا به وجائزا فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء فى كتب السنة.

ولكن ذلك مشروط بموافقة الزوجين على ذلك ولا يجوز لأحدهما دون موافقة الآخر، أما إذا قصد منه منع الحمل فإن ذلك يتنافى مع دعوة الإسلام ومقاصده فى المحافظة على النسل إلى ما شاء الله وبما أن العزل فى حادثة السؤال قد تم بدون رضاء الزوجة فلا يحل لزوجها هذا العزل ويعد آثما بذلك ولا يجوز إلا بموافقة زوجته على ذلك أى فى حالة الاتفاق فقط كما ذكرنا ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال والله سبحانه وتعالى أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>