قال الله تعالى {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها} النساء: ١، وقال {هو الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها} الأعراف: ١٨٩، وقال تعالى {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها} الروم: ٢١، وقال صلى الله عليه وسلم " إن المرأة كالضلع، فإذا ذهبت تقيمها كسرتها، وإن تركتها استمتعت بها وفيها عوج " رواه مسلم، وقال " واستوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما فى الضلع أعلاه، إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، استوصوا بالنساء خيرا " رواه مسلم وقال فى رواية لمسلم " وكسرها طلاقها".
يقول الفخر الرازى فى تفسيره لأول النساء: وفى كون حواء مخلوقة من آدم قولان: الأول -وهو الذى عليه الأكثرون -أنه لما خلق الله آدم ألقى عليه النوم، ثم خلق حواء من ضلع من أضلاعه اليسرى. واحتجوا بحديث مسلم " إن المرأة خلقت من ضلع أعوج " والثانى- وهو اختيار أبى مسلم الأصفهانى- أن المراد من قوله " وخلق منها زوجها" أى فى جنسها وهو كقوله {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا} وقوله تعالى {بعثت فيهم رسولا من أنفسهم} قال القاضى: والقول الأول أقوى وذكر وجه قوته.
والطبرى فى تفسيره وكذلك القرطبى ذكرا أن القول الأول هو لابن عباس وابن مسعود، لكن ليس لهذا النقل سند صحيح، بل هو منقول عن أهل الكتاب كما فى سفر التكوين " الإصحاح الثانى: ٢١ - ومن هذا نرى أن خلق حواء من آدم ليس أمرا متفقا عليه، فقد يكون خلقها من نفسه يعنى أنها خلقت من جنسه وهو الطين وليس من النور أو النار حتى يمكن أن يسكن إليها، وما جاء فى الأحاديث أنها خلقت من ضلع قد يراد به التشبيه كما فى الرواية الأولى فليس هناك نص قاطع فى الثبوت والدلالة على خلقها من ضلع آدم، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.
ولا يضر الأخذ بأى الرأيين.
وقد علق النووى على الأحاديث بقوله: وفيه دليل لما يقوله الفقهاء أو بعضهم أن حواء خلقت من ضلع آدم، قال الله تعالى {خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها} وبيَّن النبى صلى الله عليه وسلم أنها خلقت من ضلع. وفى هذا الحديث ملاطفة النساء والإحسان إليهن والصبر على عوج أخلاقهن واحتمال ضعف عقولهن وكراهة طلاقهن بلا سبب، وأنه لا يطمع باستقامتها والله أعلم " شرح صحيح مسلم ج ١٠ - ص ٥٧ " والموضوع مستوفى فى الجزء الثانى من موسوعة (الأسرة تحت رعاية الإسلام "، س، ج للمرأة المسلمة