للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرد على تحية المذيع والكاتب]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل يجب رد التحية إذا سمعها الإنسان من المتحدث فى المذياع أو التلفاز أو قرأها فى كتاب أو صحيفة؟

الجواب

ذكر النووى فى كتابه "الأذكار ص ٢٤٥ " عن أبى سعد المتولى أن الإنسان إذا كتب كتابا فيه: السلام عليك يا فلان، أو السلام على فلان فبلغه الكتاب وجب عليه أن يرد السلام، وكذا ذكر الواحدى وغيره أيضا أنه يجب على المكتوب إليه رد السلام إذا بلغه السلام. وقال النووى فى شرح صحيح مسلم، لو بلغه سلام فى ورقة من غائب وجب عليه أن يرد السلام باللفظ على الفور إذا قرأه.

وهذا ظاهر فى وصول السلام مكتوبا أو مبلغا على لسان أحد إلى إنسان أو جماعة مقصودة، فيجب الرد على من أرسل إليه الكتاب وفيه السلام، ومثل الكتابة التسجيل على شريط، فيجب على من يستمع إلى التسجيل أن يرد.

أما التسجيل على الشريط لحديث بدئ أو ختم بالسلام، فهل يجب على المستمعين للسلام فيه أن يردوا التحية، وهل يجب على المشاهدين لما يعرض على الشاشة أنْ يردوا التحية؟ ومن يلقى عليهم السلام ليسوا جماعة مخصوصين، فهل يعطون حكم الشخص المعين أو الجماعة المعينة فى شريط التسجيل؟ لا أستطيع أن أجزم بالحكم وإن كنت قد قرأت فى فقه المذاهب الاربعة أن اَية السجدة لو كانت مسجلة على شريط أو سمعها إنسان لا ينبغى ولا يُسنُّ أن يسجد للتلاوة، وإن كان تعليلهم مختلفا، فقال بعضهم: السبب عدم صحة التلاوة لفقد التمييز من الآية المسجل عليها القرآن، وقال بعضهم: السبب أن التلاوة من غير اَدمى، وقال بعضهم: السبب أن القراءة من الحاكى - الفونوغراف -غير مقصودة.

ولو قسنا السلام على قراءة آية السجدة فلا ينبغى رد السلام على للشريط المذاع أو المعروض. وفى نفسى شيء من هذا الحكم الذى لم أعثر على دليل يؤيده.

لكن ما هو الرأى فى المذيع أو المتحدث على الهواء مباسرة دون تسجيل سابق، ومثله ناشر الكتاب أو المقال؟ يبدو أنه يجب الرد، لأن الصوت صادر من إنسان قاصد للتحية، والراديو أو التليفزيون ومثلهما الكتاب والصحيفة كلها ناقلة فقط كالميكروفون الذى يبلغ سلام المتكلم لمن يبعدون عنه ولا يرونه فى المسجد الكبير أو الحفل الكبير، فإذا أعيدت إذاعة هذا الحديث أو عرضه لأنه سجل، أعطى حكم الشريط المسجل فلا ينبغى رد التحية بناء على ما سبق بيانه فى سجود التلاوة.

وقد يقال: إن المذيع أو المتحدث المباشر أو الناشر لا يسلم على أشخاص حقيقيين بل متخيَّلين فى ذهنه وتصوره، لأنه لا يرى ولا يحس بأناس معه، ومن هنا لا يجب الرد.

لكن إذا وجب رد السلام على من ألقيت عليه التحية قال العلماء:

أقل ما يؤدى به الواجب أن يرفع صوته بحيث يسمعه المسلِّم، فإن لم يسمعه لم يسقط عنه فرض الرد. نقله النووى فى "الأذكار" عن المتولى، ولم يعقب عليه.

وعلى هذا فإن رد المستمعين إلى الإذاعة أو المشاهدين للتلفزيون السلام على من سلَّم عليهم واجب، حتى لو لم يسمعه المذيعون - ولن يسمعوه قطعا-كما تقدم فى أول الكلام أن من بلغه سلام فى كتاب وجب الرد، ومعلوم أن المرسل لن يسمعه.

هذا، ولما كان رد التحية الملقاة على جماعة واجبا وجوبا كفائيا، فإنه لو قام به البعض سقط الطلب عن الباقين.

وأغلب الظن - إن لم يكن يقينا - أن الآلاف أو الملايين من المستمعين أو المشاهدين سيرد منهم واحد على الأقل على هذه التحية، فيغنى ذلك عن رد الآخرين والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>