[نوح وأرضه وعمره وزوجته]
المفتي
عطية صقر.
مايو ١٩٩٧
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
جاء قوله تعالى على لسان النبي نوح {رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارًا} نوج:٢٦، فلماذا قال نوح "الأرض " ولم يخص قومه الذين عصوه، وهل نوح هو الأب الثانى للبشر؟ وكم كان عمره، وكيف خانته زوجته؟
الجواب
كان العمران محدودًا في أيام نوح عليه السلاَم، ولعل الذين أرسل إليهم كانوا هم الذين يعيشون على الأرض في هذه المنطقة، فلما دعا عليهم ظن أو اعتقد أنه لا يوجد غيرهم على الأرض. وهم أيضًا قومه كما قال سبحانه {كذبت قوم نوح المرسلين} الشعراء: ١٠٥.
وقال بعض العلماء: إن الأرض المذكورة في دعاء سيدنا نوح قد يراد بها المنطقة التي أرسل فيها دون غيرها، فكلمة "ال " للعهد كما يقول علماء اللغة، وقالوا: إن الطوفان أهلك كل إنسان كافر، وعمرت الأرض بعد ذلك من سلالة المؤمنين الذين ركبوا السفبنة معه ونجوا من الغرق، وبهذا يقال:
إنه الأب الثاني للبشر بعد آدم عليه السلام وذلك ما نقل، عن ابن عباس من أن نوحًا هو آدم الأصغر، وأن جميع الخلائق الآن من نسله "تفسير القرطبي ج ٩ ص ٤٨ ".
أما عمر سيدنا نوح، فقد اختلفت فيه الأقوال عند تفسير قوله تعالى {ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون} العنكبوت: ١٤، فمن المؤكد أنه عاش ألف سنة إلا خمسين عاما، فهل هذه المدة هي كل عمره الذي عاشه من يوم ولادته إلى وفاته، أو هي التي عاشها في الدعوة ويضاف إليها السنوات التي قبلها، وهي حوالي أربعين سنة، حيث كان الرسل يبعثون في هذه السن، ثم يضاف إليها أيضًا المدة التي عاشها بعد الطوفان ولا يعلم كم هي؟ ليس هناك دليل قاطع على عمره، ولا داعي للانشغال به، فقد مات كما يموت كل حي، ولم يخلد في الدنيا على الرغم من عمره الطويل.
وفي تفسير القرطبي في سورة العنكبوت معرض لآراء كثيرة في عمر نوح ليس على أي واحد منها دليل صحيح، وأورد حديثًا بصيغة التمريض أي التضعيف أن عمره كان عند البعثة مائتين وخمسين سنة، وعاش بعد الطوفان مثلها، يضم إلى ذلك ما نص عليه القرآن وهو تسعمائة وخمسون سنة، فيكون المجموع ألف سنة وأربعمائة وخمسين سنة وكل ذلك -استنتاج لا دليل عليه.
أما زوجته فقد قال اللَّه فيها {ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من اللَّه شيئًا وقيل ادخلا النار مع الداخلين} التحريم: ١٠.
فما هي الخيانة التي صدرت من كل منهما مع أن كلا منهما زوجة نبي؟ .
أحسن ما قيل في خيانتهما أنها الكفر بالرسالة والتواطؤ مع الكفرة، وحاشا أن تكون الخيانة في العرض والشرف كما قال ابن عباس رضي الله عنهما. والمستبعد أن تكون (عجوز) كما وصفها الله تخون لوطا بالفاحشة.
هذا، وكون زوجة نبي كافرة لا يقدح في عصمته هو ولا يمس شرفه، فكل امرئ بما كسب رهين، كما لا يضر المسلم أن تكون زوجته كتابية لا تؤمن بدينه