للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البيع فى المسجد وعند النداء للجمعة]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

ما حكم الدين فى البيع والشراء وعقد الصفقات داخل المسجد وكذلك عند النداء لصلاة الجمعة، وهل المكسب من البيع عند النداء يعتبر مالآ حراما؟

الجواب

جاء فى تفسير القرطبى (ج ١٢ ص ٢٦٩) فى المسألة السادسة قوله وتصان المساجد أيضا عن البيع والشراء، وذكر حديث مسلم "إنما بنيت المساجد لما بنيت له " وقال: وهذا يدل على إن الأصل إلا يعمل فى المسجد غير الصلوات والأذكار وقراءة القرآن، كما جاء منصوصا عليه من قول النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث الأعرابى الذى بال فى المسجد وذكر فى ص. ٢٧ من رواية الترمذى أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن تناشد الأشعار وعن البيع والشراء فيه. ثم قال: وقد كره قوم من أهل العلم البيع والشراء فى المسجد وبه يقول أحمد وإسحاق. ثم قال فى الصفحة نفسها:

وقال الترمذى: وقد روى عن بعض أهل العلم من التابعين رخصة فى البيع والشراء فى المسجد وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم فى غير حديث رخصة فى إنشاد الشعر فى المسجد.

هذا ما جاء فى القرطبى، وجاء فى فقه المذاهب الأربعة أن الحنفية كرهوا إيقاع عقود للمبادلة بالمسجد كالبيع والشراء والإجارة، أما عقد الهبة ونحوها فإنه لا يكره. - والمالكية قالوا مثل الحنفية تقريبا.

أما الحنابلة فقالوا: يحرم البيع والشراء والإجارة فى المسجد، وإن وقع فهو باطل.

والشافعية قالوا: يحرم اتخاذ المسجد محلا للبيع والشراء على الدوام، وأما إن وقع ذلك نادرا فهو خلاف الأولى إلا إذا أدى إلى التضييق على مصلِّ فيحرم.

فالخلاصة أن عقد الصفقات فى المسجد فى بعض الأحيان مكروه أو خلاف الأولى عند الجمهور وحرام وباطل عند أحمد، واتخاذه لذلك على الدوام حرام عند الشافعية والحنابلة، وكذلك إذا أدى إلى التضييق على المصلى، وأرى حرمته إذا أخل بحرمه المسجد سواء أكان أحيانا أو على الدوام.

٢ -أما عقد الصفقات عند النداء لصلاة الجمعة فقد جاء فيه قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} الجمعة: ٩.

جاء فى تفسير القرطبى لهذه الآية: أن البيع عند النداء الصلاة الجمعة حرام على من كان مخاطبا بفرض الجمعة، أما من لا يجب عليه حضور الجمعة فلا ينهى عن البيع والشراء. ثم قال: وفى وقت التحريم قولان. الأول أنه من بعد الزوال إلى الفراغ منها.

والثانى أنه من وقت أذان الخطبة إلى وقت الصلاة كما قاله الشافعى.

ومذهب مالك أن يترك البيع إذا نودى للصلاة، ويفسخ عنده ما وقع من ذلك من البيع فى ذلك الوقت، ويرى ابن العربى فسخ كل العقود فكل أمر يشغل عن الجمعة حرام شرعا مفسوخ ردعا.

وقال الشافعى: إن البيع فى ذلك الوقت ليس بحرام لكنه مكروه، وهو ينعقد ولا يفسخ، ثم أنهى القرطبى ذلك بقوله، قلت: والصحيح فساده وفسخه، لقوله عليه الصلاة والسلام "كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد" أى مردود.

وجاء فى فقه المذاهب الأربعة أن الحنفية قالوا: يحرم البيع عند الأذان الواقع بعد الزوال إلى انتهاء الصلاة، وقال المالكية: إن عقد البيع فاسد ويفسخ.

وقال الحنابلة: لا ينعقد.

فالخلاصة: أن عقد الصفقات بعد أذان الجمعة حرام عند الجمهور والمال خبيث، ولا ينعقد عند بعضهم، مكروه عند الشافعية وينعقد

<<  <  ج: ص:  >  >>