للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[زواج الرجل بمن زنى بها ابنه]

المفتي

جاد الحق على جاد الحق.

١٨ شعبان ١٤٠١ هجرية - ٢٠ يونية ١٩٨١ م

المبادئ

١ - نص فقهاء المذهب الحنفى على أن من زنى بامرأة حرمت عليه أمها وبنتها وجدتها، وتحرم المرأة المزنى بها على آباء الزانى وأجداده وإن علوا، وعلى أبنائه وإن نزلوا.

٢ - أثبت الفقه الحنفى للزنا حرمة المصاهرة كالزواج، وهو مذهب أحمد بن حنبل.

٣ - ذهب الفقه الشافعى قولا واحدا إلى أنه لا حرمة لماء الزنا بدليل انتقاء سائر أحكام النسب من إرث وغيره، ولكن يكره نكاحها خروجا من خلاف من حرمها، وهو مشهور عن مالك.

٤ - يحل لوالد الزانى تزوج الفتاة التى زنى بها ابنه ولو كانت حاملا منه، وعقده عليها صحيح.

كما يقول الشافعية. والمشهور عن مالك، ويكون الولد للفراش.

٥ - يتعين الاحتياط بأخذ التعهد على الوالد بقبوله الزواج منها وفاقا لمذهب الشافعى، وإن كان الأحوط والأولى تزويجها لمن زنى بها

السؤال

بالطلب المقدم من مجلة منبر الإسلام المقيد ١٩٢ / ١٩٨١ المتضمن أن فتاة حملت سفاحا واتهمت بحملها شابا، فتقدم والده للعقد عليها، وفعلا قام المأذون بعقد القران (بعمل تصادق) بين هذه الفتاة ووالد المتهم على زواجهما.

والسؤال هل هذا العقد صحيح أو غير صحيح وإذا صح فما حكم نسب هذا الجنين

الجواب

تقضى المادة ٢٨٠ من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم ٧٨ لسنة ١٩٣١ والمادة السادسة من القانون رقم ٤٦٢ لسنة ١٩٥٥ بأن تصدر الأحكام طبقا لأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة ما عدا الأحوال التى ينص فيها قانون المحاكم الشرعية فى قواعد خاصة، فيجب فيها أن تصدر الأحكام طبقا لتلك القواعد، وقد نص فقهاء المذهب الحنفى على أن من زنى بامرأة حرمت عليه أمها وبنتها وجدتها، وتحرم المرأة المزنى بها على آباء الزانى وأجداده وإن علوا، وعلى أبنائه وبناته وإن نزلوا (الهداية وشروحها ص ٣٦٥ وما بعدها ج- ٢ وبدائع الصنائع ج- ٢ ص ٢٥٦) وبهذا أثبت فقه الحنفيين للزنا حرمة المصاهرة كالزواج، وهذا الرأى منقول عن عمر وابن عباس وابن مسعود وعمران بن الحصين وجابر وأبى وعائشة، والحسن البصرى والشعبى والنخعى والأوزاعى وطاووس وعطاء ومجاهد وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والثورى وإسحاق بن راهوية، وهو مذهب أحمد بن حنبل فقد نص الخرقى على أن (وطء الحرام محرم كما يحرم وطء الحلال والشبهة) وقال ابن قدامة فى المغنى شرحا لهذا يعنى أنه يثبت به تحريم المصاهرة، فإذا زنى بامرأة حرمت على أبيه وابنه وحرمت عليه أمها وابنتها (ج- ٧ مع الشرح الكبير ص ٤٨٢ وما بعدها) .

وفى بداية المجتهد لابن رشد المالكى ج- ٢ ص ٢٨ فى المسألة الرابعة من مسائل حرمة المصاهرة قال اختلفوا فى الزنا، هل يوجب من التحريم فى هؤلاء، ما يوجب الوطء فى نكاح صحيح أو شبهة، أعنى الذى يدرأ فيه الحد،فقال الشافعى الزنا بالمرأة لا يحرم نكاح أمها ولا ابنتها ولا نكاح أبى الزانى لها ولا ابنه، وقال أبو حنيفة والثورى والأوزاعى يحرم الزنا ما يحرم النكاح، وأما مالك ففى الموطأ عنه مثل قول الشافعى أنه لا يحرم وروى ابن القاسم مثل قول أبى حنيفة أنه يحرم، وقال سحنون وأصحاب مالك يخالفون ابن القاسم فيها ويذهبون إلى ما فى الموطأ.

وقال ابن جزى المالكى فى القوانين الفقهية ص ٢٣١ يعتبر فى التحريم بالصهر النكاح الحلال أو الذى فيه شبهة أو اختلف فيه، فإن كان زنا محضا لم تقع به حرمة المصاهرة.

فمن زنى بامرأة فإنه لا يحرم تزويجها على أولاده فى المشهور وفاقا للشافعى خلافا لأبى حنيفة، إلا أن فى المدونة من زنى بأم امرأته فارقها، خلافا لما فى الموطأ.

وذهب الفقه الشافعى قولا واحدا إلى أنه لا حرمة لماء الزنا، بدليل انتفاء سائر أحكام النسب من إرث وغيره، ولكن يكره نكاحها خروجا من خلاف من حرمها (ص ٣٥٦ ج- ٣ من الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع مع حاشيته تحفة الحبيب فى المحرمات فى النكاح) .

ونقل ابن قدامة فى المغنى (ج- ٧ ص ٥١٥ مع الشرح الكبير) قال وإذا زنت امرأة لم يحل لمن يعلم ذلك نكاحها إلا بشرطين أحدهما انقضاء عدتها، فإن حملت من الزنا فقضاء عدتها بوضعه ولا يحل نكاحها قبل وضعه وبهذا قال مالك وأبو يوسف وهو إحدى الروايتين عن أبى حنيفة وفى الأخرى قال يحل نكاحها ويصح، وهو مذهب الشافعى، لأنه وطء لا يلحق به النسب فلم يحرم النكاح، كما لو لم تحمل والشرط الثانى أن تتوب من الزنا وقال أبو حنيفة ومالك والشافعى لا يتشرط ذلك.

لما كان ذلك كان العقد المسئول عنه صحيحا وفقا لفقه مذهب الإمام الشافعى والمشهور عن مالك، باعتبار أنه يحل لوالد الزانى تزوج هذه الفتاة التى زنى بها ابنه،ولو كانت حاملا منه، ويقع العقد باطلا فى فقه مذهب الإمامين أبى حنيفة وأحمد ورواية عن مالك، ومن قال بذلك من الصحابة والتابعين على نحو ما سبق بيانه.

ومتى صح العقد كما يقول الشافعيون والمشهور عن مالك، كان الولد للفراش وإن كان الذى عليه القضاء هو فقه الحنفيين كما سبق.

ومن هنا يتعين الاحتياط بأخذ التعهد عليه بقبوله الزواج منها وفاقا لمذهب الشافعى، وإن كان الأحوط والأولى تزويجها لمن زنى بها.

والله سبحانه وتعالى أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>