[شراء عقار بمال الغير ووقفه]
المفتي
عبد المجيد سليم.
محرم ١٣٥٣ هجرية - ٩ مايو ١٩٣٤ م
المبادئ
١ - إذا استغل الزوج أملاك زوجته التى وكلته وفوضته فى إدراتها وقبض ريعها، واشترى به عقارا لنفسه، كان ملكا له.
وضمن قيمته لزوجته.
٢ - وقفه هذا العقار وقفا صحيحا مستوفيا لشروطه صحيح لازم لا ينقضه أرباب الديون
السؤال
من محمد أحمد بالآتى وكلت إحدى السيدات زوجها فى إدارة أملاكها واستغلال ريعها توكيلا مفوضا، وقد استغل ريع كل أملاكها ولم يدفع لها من ذلك الريع إلا مبلغا يسيرا، ثم مات زوجها بعد ذلك.
وبعمل الحساب عن الوارد والمنصرف تبين أن بذمة الزوج لزوجته مبلغا لا يستهان به بقى بذمته فى حال حياته إلى يوم وفاته، وأنه فى حال حياته قد اشترى من ذلك المال عقارا وكلفه باسمه ووقفه وقفا أهليا وخيريا، ولم يكن للزوج المذكور مال سوى ما ذكر.
فهل إذا ثبت ما ذكر يكون الوقف صحيحا وإذا لم يكن صحيحا هل للزوجة أن ترجع بدينها على ذلك العقار
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد بأن ما اشتراه الزوج لنفسه من نقود زوجته التى فى يده مما استغله من أملاكها هو ملك له وقد صار ضامنا لزوجته هذه النقود، فإذا وقف الزوج هذا العقار وقفا صحيحا مستوفيا لشروطه كان هذا الوقف صحيحا لازما لا ينقضه أرباب الديون على ما سيأتى عن الفتح والذخيرة.
قال فى الدر نقلا عن فتاوى ابن نجيم ما نصه وبطل وقف راهن معسر ومريض مديون بمحيط بخلاف صحيح لو قبل الحجر.
وقال فى الدر بعد ذلك ما نصه قيد بمحيط لأن غير المحيط يجوز فى ثلث ما بقى بعد الدين لو له ورثة وإلا ففى كله.
وكتب ابن عابدين على قوله (بخلاف صحيح) ما نصه أى وقف مديون صحيح فإنه يصح ولو قصد به المماطلة، لأنه صار فى ملكه، كما فى أنفع الوسائل عن الذخيرة، قال فى الفتح وهو لازم لا تنقضه أرباب الديون إذا كان قبل الحجر بالاتفاق، لأنه لم يتعلق حقهم بالعين فى حالة صحته انتهى.
وبه افتى فى الخيرية من البيوع، وذكر أنه افتى به ابن نجيم وسيأتى فيه كلام عن المعروضات انتهت عبارة ابن عابدين، وما جاء فى المعروضات هو ما نقله الدر بعد ذلك ونصه قلت لكن فى معروضات المفتى أبى السعود سئل عمن وقف على أولاده وهرب من الديون هل يصح فأجاب لا يصح ولا يلزم، والقضاة ممنوعون من الحكم وتسجيل الوقف بمقدار ما شغل بالدين.
فليحفظ. قال ابن عابدين تعليقا على هذا، هذا مخالف لصريح المنقول كما قدمناه عن الذخيرة والفتح إلا أن يخصص بالمريض المديون، وعبارة الفتاوى الإسماعيلية لا ينفذ القاضى هذا الوقف ويجبر الواقف على بيعه ووفاء دينه، والقضاة ممنوعون عن تنفيذه، كما أفاده المولى أبو السعود.
وهذا التعبير أظهر، وحاصله أن القاضى إذا منعه السلطان عن الحكم به كان حكمه باطلا لأنه وكيل عنه وقد نهاه الموكل صيانة لأموال الناس، ويكون جبره على بيعه من قبيل إطلاق القاضى ببيع وقف لم يسجل وقد مر الكلام فيه وينبغى ترجيح بطلان الوقف بذلك للضرورة.
انتهت عبارة ابن عابدين.
ومراده بتسجيل الوقف ما فسره به فى موضع آخر من الحكم بلزومه بأن صار اللزوم حادثة وقع التنازع فيها فحكم القاضى باللزوم بوجهه الشرعى، وليس المراد بالتسجيل مجرد كتابته فى السجل فالوقف غير المسجل هو الوقف غير المحكوم بلزومه على الوجه المذكور، وما قاله ابن عابدين من قوله (وينبغى ترجيح بطلان الوقف بذلك للضرورة) وجيه وبما ذكرنا يعلم الجواب عن السؤال.
هذا ما ظهر لنا. والله سبحانه وتعالى أعلم