للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شهادة المرأة]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

يقول بعض الناس: إن الإسلام لم ينصف المرأة بمساواتها للرجل فى الشهادة حيث جعل شهادتها على النصف من شهادة الرجل، فكيف نرد عليهم؟

الجواب

يقول الله سبحانه {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} البقرة: ٢٨٢.

وأبادر فأقول: إن مساواة المرأة بالرجل ليست على إطلاقها فى أى دين من الأديان، بل ولا فى الشرائع المنصفة العاقلة، فذلك أمر مستحيل لاختلاف النوعين فى التكوين والاستعداد، وهو صنع الله سبحانه لإمكان تحقيق الإنسان للخلافة فى الأرض، وهو يعلم المصلحة، ولا نعلم نحن ما يعلمه الله سبحانه.

وفى موضوع الشهادة قررت الآية السبب فى كون شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل وهو تعرضها للنسيان كثيرا عند تحمل الشهادة وعند أدائها، ولا بد من التسليم بما قاله القرآن فى ذلك، وقد أثبت العلم أو أكد صحة هذا السبب، وشرحه الدكتور السيد الجميلى "مجلة الأزهر عدد ربيع الأول ١٤١٥ هـ " حيث تحدث عن مرض "الهستريا" الذى يكثر عند النساء، ومن مظاهره سرعة الانفعال والتحول من حال إلى حال قد يكون على النقيض، وقد يفضى إلى الانفصام، وكان القدماء يرون أن سمات هذه الهستريا لصيقة بالنساء لا تزايلهن، لكن الواقع يؤكد إصابة الرجل بها أيضا لكن فى أضيق الحدود.

ولما كان للشهادة قيمتها فى إثبات الحقوق احتاط لها الشارع منعا للظلم وإقرارًا للعدل، وقرر الفقهاء فى هذا الخصوص أن لشهادة المرأة مجالات.

١ -ففى مجال الأمور الخاصة بالنساء والتى لا يطَّلع عليها الرجال فى الغالب كالولادة والبكارة تقبل شهادة المرأة ولا حاجة إلى شهادة الرجل معها، وروى فى ذلك حديث "شهادة النساء جائزة فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه " وهذا لا يمنع قبول شهادة الرجال، كالأطباء الممارسين لأعمال التوليد والجراحة، سواء أكانوا منفردين أم كان معهم نساء ومع قبول المرأة فى هذا المجال اختلف الفقهاء فى العدد اللازم لاعتمادها، فقيل: تكفى شهادة امرأة واحدة، وقيل: لا يكفى أقل من اثنتين إلا فى حالتين خاصتين وهما: استهلال المولود للحياة، وحالة الرضاع.

وقيل: لا بد من شهادة أربع من النساء إلا فى حالة الرضاع فتكفى شهادة امرأة واحدة.

٢ - فى مجال الأمور المتصلة بالأسرة كالزواج، رأى جمهور الفقهاء عدم قبول شهادة المرأة، بل لابد من رجلين على الأقل، كما قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم} المائدة: ١٠٦ وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "لا نكاح إلا بولى وشاهدى عدل " رواه ابن حبان فى صحيحه، وأجاز الحنفية شهادة رجل وامرأتين قياسا لشئون الأسرة على الشئون المالية.

٣-وفى مجال المعاملات المالية نصت آية الدَّين على قبول شهادة المرأة مع الرجل، وهى مذكورة فى أول الإجابة، والتعليل كما سبق ذكره ليس فيه إهانة للمرأة، بل هو تقرير للحقيقة من أجل الحفاظ على الحقوق، وذلك هو الغالب فى النساء بالفطرة.

٤ - وفى مجال الحدود والقصاص ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم قبول شهادتها فيها، وذلك لخطورتها، حيث تدرأ الحدود بالشبهات، وتقر القوانين أن الشك يفسر لصالح المتهم، وقد تحملها رقتها فى هذا المجال على التغيير لصالح المتهم، وأجاز ابن حزم شهادة النساء منفردات فى هذا المجال عدا حد الزنا "ملخص من مقال الدكتور عبد السميع أبو الخير فى المجلة المذكورة ".

ومن أراد الاستزادة فليرجع إليها لتوضيح الرأى الطبى والفقهى

<<  <  ج: ص:  >  >>