ما تفسير قوله تعالى {يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضات أزواجك والله غفور رحيم. قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم. وإذ أسر النبى إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرّف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنباك هذا قال نبأنى العليم الخبير} التحريم: ٣- ١؟
الجواب
أصح ما ورد فى سبب نزول هذه الآيات أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يشرب عسلا عند بعض زوجاته -زينب بنت جحش، أو حفصة بنت عمر-وكان يمكث عندها طويلا فدبت الغيرة فى قلب بعض زوجاته، وهن بشر يتمنين أن يمكث عندهن كما يمكث عندها، لأن من عادته صلى الله عليه وسلم أنه كان يطوف عليهن جميعا كل يوم يسأل عنهن ويقضى حاجتهن، ثم يبيت عند صاحبة النوبة. فقال بعض الزوجات: إذا دخل النبى علينا نقول: إن فى فمك رائحة كريهة-والنبى كان يكره الرائحة الكريهة- فقلن له ذلك. وذكرن أن سببه من الطعام الذى أكله، فقال:
أكلت عسلا، فقلن: لعل نحله قد جنت العرفط، يعنى امتصت زهره ورائحته كريهة، فحلف النبى ألا يأكله مرة أخرى، وقد أطلع الله نبيه على ما فعله زوجاته، وبين له كيف يخرج من يمينه، وذلك بكفارة من عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم على ما جاء فى سورة المائدة.
وثبت فى صحيح مسلم أن عائشة وحفصة هما اللتان اتفقتا على هذه الحيلة، والذى أسره لهما هو عدم عودته إلى شرب العسل، فأفشيا السر فاخبره الله.
وقيل: إن السر هو قوله لهما إن أبويهما سيكونان خليفتين من بعده.
وقيل: إن سبب نزول الآيات خلوة الرسول بمارية فى بيت حفصة وكانت غائبة عنه فلما رأت أن ذلك هوان من شأنها قال لها: إنى حرمتها على نفسى ولا تخبرى أحدا، فأخبرت به عائشة، فغضب وحلف ألا يدخل على نسائه شهرا، ولكن سند هذه الرواية ضعيف، أو لا يقف أمام رواية مسلم.
ومعنى "عرَّف بعضه وأعرض عن بعض " عرف حفصة أنها أفشت السر لعائشة فى تحريم العسل أو تحريم مارية، وأعرض عن بعض وهو تولى أبى بكر وعمر بعده، حتى لا يفشو الخبر أكثر وأكثر، وجازاها على ذلك بتطليقها ثم أمره الله بمراجعتها