[حرص الشريعة الإسلامية على شرف المرأة ورفع مكانتها]
المفتي
حسن مأمون.
شوال ١٣٧٩ هجرية - ٥ أبريل ١٩٦٠ م
المبادئ
١ - تحرم الشريعة الإسلامية الخلوة بين المرأة وأجنبى عنها، وإظهار مفاتنها ومحاسنها أمامه.
٢ - على المرأة أن تغض بصرها وتكف عن النظر إلى ما يحرم النظر إليه، وأن تحتفظ فرجها عما لا يحل لها من الزنا وتوابعه.
٣ - لا يجوز للمرأة إبداء مواضع الزينة الخفية منها لكل أحد إلا ما استثنى فى الآية الكريمة.
٤ - الدخول على المرأة المتزوجة منزل الزوجية أثناء غياب زوجها عنه غير جائز شرعا، إلا إذا كان الداخل معه رجل أو رجلان.
٥ - دعوة الزوجة رجلا أجنبيا عنها للغداء معها بمفردها فى منزل الزوجية أثناء غياب زوجها تكون به مخطئة شرعا، ولزوجها منعها من ذلك
السؤال
بالطلب المتضمن أن زوجة مسلمة على عصمة زوجها المسلم تقابلت مع رجل أجنبى عنها لا قرابة له بها إطلاق وليس برحم محرم لها، ويقال إنه متزوج إحدى قريباتها، وهذا الرجل يقيم ببلدة أخرى، وأرادت استضافته فى مسكنها الخاص فى غيبة زوجها وبدون إذنه، وإعداد مأدبة غداء خاصة به وحده، وليس فى المسكن رجل يستقبله بل أرادت الزوجة أن تصاحبه بنفسها - عقب مقابلته لها - فى مسكنها وأن تشترك معه ووالدتها المقيمة معها فى تناول طعام الغداء.
وذلك كله فى غيبة زوجها وبدون إذن منه، وأن تبقى جالسة مع هذا الضيف على المائدة وهى غير محجبة، وهو أجنبى ليس رحما محرما لها كما تقدم.
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما إذا كان يباح للزوجة المذكورة هذا العمل أو لا يباح
الجواب
إن الشريعة الإسلامية اهتمت بشرف المرأة المسلمة أيما اهتمام، وحرصت كل الحرص على المحافظة على عرضها، ورفع كيانها عن المهانة والابتذال وتعرضها لما يشين سمعتها ويهدم كرامتها، وذلك دفعا للفتنة ومقالة السوء - فحرمت عليها الاختلاء بأجنبى غير محرم لها، والاختلاط به مادام لم يوجد معهما محرم لها، كما حرمت عليها أن تبدى له زينتها، وأن تظهر مفاتنها ومحاسنها أمامه.
لأنه لا يجتمع رجل وامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما.
فالعينان تزنيان والنظر سهم مسموم من سهام إبليس.
قال الله تعالى فى كتابه الكريم {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون} النور ٣١، وقال تعالى {إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولا معروفا} الأحزاب ٣٢، وقال تعالى {وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} الأحزاب ٥٣، وقال تعالى {يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما} الأحزاب ٥٩، وجاء فى صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو قال الحمو الموت) والحمو هو أحد أقارب الزوج، أو أقارب الزوجة من غير المحارم - وروى مسلم أيضا - أن نفرا دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق وهى تحته يومئذ، فرآهم فكره ذلك، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لم أر إلا خيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد برأها من ذلك.
ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال (لا يدخلن رجل بعد يومى هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان) والمغيبة هى التى غاب زوجها عن المنزل.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى خطبته يوم حجة الوداع (ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن فى المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا.
ألا إن لكم على نسائكم حقا، ولنسائكم عليكم حقا، فحقكم عليهن أن لا يوطئن فراشكم من تكرهون ولا يأذن فى بيوتكم لمن تكرهون.
وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن فى كسوتهن وطعامهن) هذا وحديث الإفك الذى اتهمت فيه السيدة عائشة رضى الله تعالى عنها بمجرد انفرادها برجل غير ذى رحم لها، وتأخرهما عن القافلة ليس ببعيد عن الأذهان، وزوجها خير البشرية حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم لم ير نفى التهمة عنها التى شاعت فى جزيرة العرب، حتى أنه لم يذكر اسمها على لسانه طول مدة هذه المحنة، وكان حين يسأل عنها وهى مريضة فى بيت أبيها أبى بكر الصديق يقول كيف حال تيكم، حتى أنزل الله الوحى ببراءتها.
فالمحافظة على عفاف المرأة المسلمة وعرضها وشرفها من الأمور التى حرصت الشريعة الإسلامية على صيانتها.
الأمر الذى يتجلى واضحا من النصوص المذكورة وغيرها فى هذا الباب كثير ومن هذا كله يتعين أن السيدة المسئول عن أمرها مخطئة كل الخطأ فى تصرفها المذكور، ولا يباح لها هذا العمل شرعا.
ولزوجها الحق فى أن يمنعها من هذا التصرف.
ومنه يعلم الجواب عن السؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم