فى قصة الإسراء والمعراج أن النبى صلى الله عليه وسلم، صلى جماعة بالأنبياء فى المسجد الأقصى قبل العروج إلى السماء، فما هى هذه الصلاة مع أنها لم تكن قد فرضت بعد؟
الجواب
ثبت فى صحيح مسلم من طريق ثابت البنانى عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى ليلة الإسراء ببيت المقدس ركعتين، كما ثبت أنه صلى بالأنبياء إماما، أى بعد صلاة الركعتين، وأنكر حذيفة بن اليمان صلاته عليه الصلاة والسلام ببيت المقدس، محتجا بأنه لو صلى فيه لكتب عليكم الصلاة فيه كما كتب عليكم الصلاة فى البيت العتيق، ولكن تعقبه البيهقى وابن كثير بأن المثبت - وهم جمهور الصحابة - مقدم على النافى.
يقول القسطلانى فى كتابه " المواهب اللدنية " وشرحه للزرقانى:
وقد اختلف فى هذه الصلاة، هل هى فرض أو نفل قال بعض العلماء إنها فرض، بناء على ما قاله النعمانى، وقال بعض: إنها نفل، وإذا قلنا: إنها فرض، فأى صلاة هى؟ قال بعضهم الأقرب أنها الصبح، ويحتمل أن تكون العشاء، وإنما يتأتى على قول من قال إنه صلى الله عليه وسلم صلى بهم قبل عروجه إلى السماء، وفى النعمانى: إنما يتأتى على أن الإسراء من أول الليل، لكن قال بعض رواة حديث الإسراء: إنه بعد صلاة العشاء، وأما على قول من قال: صلى بهم بعد العروج فتكون الصبح. والاحتمالان، كما قال الشامى، ليسا بشىء، سواء قلنا صلى بهم قبل العروج أم بعده. لأن أول صلاة صلاها النبى صلى الله عليه وسلم من الخمس مطلقا الظهر بمكة باتفاق، ومن حمل الأولية على مكة فعليه الدليل، قال: والذى يظهر أنها كانت من النفل المطلق، أو كانت من الصلاة المفروضة عليه قبل ليلة الإسراء، وفى فتاوى النووى ما يؤيد الثانى. انتهى.
بعد هذا أقول: إن الصلاة كانت مفروضة قبل ليلة الإسراء، وكانت ركعتين أول النهار وركعتين آخره، وأما التى فرضت ليلة الإسراء فهى كونها خمسة فروض بركعاتها المعروفة، وعليه: فيجوز أن تكون صلاة الرسول ببيت المقدس ركعتين تحية للمسجد، صلاهما وحده والتى صلاها إماما بالأنبياء يجوز أن تكون نافلة من صلاة الليل وقد كانت مشروعة له صلى الله عليه وسلم، وجاء فى بعض الروايات أنه عليه الصلاة والسلام وجد الأنبياء يصلون عند دخوله المسجد، ولما حان وقت الصلاة أذن مؤذن ثم أقيمت وقدمه جبريل عليهم بعد أن تبين فضله من واقع ما أثنى به كل على نفسه، ولكن مثل هذه الروايات لا ينبغى التعويل عليها فى صورتها الجزئية، بعد أن كرم اللَّه رسوله وأخذ على الأنبياء الميثاق إن أدركوه أن يؤمنوا به وينصروه، ومهما يكن من شىء فالخلاف فى هذا الموضوع ليست له نتيجة عملية