ما حكم الإسلام فى الشباب الذى يدعو إلى تغيير المنكر باليد واستخدام القسوة والعنف حتى استخدام الأسلحة النارية. وهل من حقه ذلك؟
الجواب
روى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فان لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".
فى هذا الحديث مراتب لتغيير المنكر، إذا عجز الإنسان عن إحداها استعمل الأخرى.
والتغيير باليد لمن له سلطان على مرتكب المنكر، كالوالد مع ولده، والزوج مع زوجته، والراعى فى رعيته، والوالد والزوج يغيران المنكر فى حدود سلطتهما التى لو تجاوزاها ارتكبا منكرا، أو أدى إلى ضرر بالغ أو منكر أكبر، أما الراعى فله السلطان الكامل.
والتغيير فى أية مرتبة من مراتبه لابد أن يكون بالحكمة، حتى لا يكون فيه ضرر على الشخص المنكِر ولا يؤدى إلى منكَر أشد أو فتنة تزيد بها المنكرات ولا تزول، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يَقْدِر فى مكة على تغيير المنكر، وهو عبادة الأصنام - بتحطيمها، وإلا لقضى المشركون على الرسول والقلة المؤمنة معه، وكانت نتيجة الدعوة عكسية، لم تحقق الغرض بل زادت الفساد.
وكم نزل من الآيات فى مكة تحث الرسول على الصبر على ما يقابل به من تكذيب واستهزاء واعتداء بأساليب مختلفة، بل إن الصلاة لما فرضت فى مكة كان يصليها عند الكعبة والأصنام منصوبة من حوله، لا يستطيع أن يمد يده إليها بأذى، فلما هاجر إلى المدينة وتكونت الدولة الإسلامية وقويت وفتح الله مكة على يد الرسول وأصحابه سنة ٨ هـ حطم الرسول الأصنام ولم يعترض عليه أحد، لأن أهلها أسلموا ولا يستطيعون مقاومة القوة الإسلامية.
وكبار العلماء المسلمين السابقين الذين تركوا لنا تراثا فقهيا لا مثيل له، وعلى رأسهم حجة الإسلام الإمام الغزالى المتوفى ٥٠٥ هـ وضعوا قواعد وإرشادات للدعوة مستخلصة من النصوص ومن روح الشريعة جاء فيها: أنه إذا عُلم حصول الفائدة من الدعوة ولم يخف ضررا.
وجبت الدعوة، وإن لم يعلم فائدة وخاف الضرر حرمت الدعوة، لأنها إلقاء للنفس فى التهلكة.
وبعض المتحمسين لتغيير المنكر لا يراعون الحكمة ولا الآداب فألقوا بأيديهم إلى التهلكة، والمنكر لم يتغير، ووقع الضرر عليهم وعلى ذويهم والبرآء ممن يتصلون بهم، أرجو الله أن يهديهم إلى طريق الصواب ويكفوا عن الأساليب الضارة، وعليهم الإنكار باللسان فى إطار الحكمة إن علموا فائدة ولم يخشوا ضررا، وإلا اكتفوا بالإنكار بالقلب الذى يترجم عنه السلوك حتى يغير الله الظروف وتأخذ الدعوة طريقا مناسبا. .
راجع رسالة الأوقاف فى هذا الموضوع، وكتاب (بيان للناس من الأزهر الشريف) الجزء الأول