هل فى الإسلام شىء عن مؤخر ومقدم الصداق، وما رأى الدين فى حالة تنازل المرأة عنه، وما حكم المغالاة فى المهور؟
الجواب
الصداق عِوَض يدفع للمرأة عند النكاح، وهو ملك لها لا يجوز لوليها أو زوجها أن يأخذ شيئا منه إلا برضاها، كما قال تعالى {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شىء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا} النساء:
٤، وقال {وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا " وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا} النساء: ٢٠، ٢١.
المهر يجوز أن يدفع مرة واحدة، وأن يدفع على أقساط، وذلك حسب الاتفاق وهو يجب بمجرد العقد ويتأكد بالدخول، ولو طلقها قبل الدخول كان لها النصف، كما قال تعالى {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذى بيده عقدة النكاح} البقرة: ٣٣٧، أما الطلاق بعد الدخول فلا يبيح له استرداد شيء منه، وما دام المهر ملكا للزوجة فهى حرة التصرف فيه ما دامت عاقلة رشيدة، ويجوز لها أن تتنازل عنه كله أو بعضه،. كما تنص عليه الآية المذكورة، وكما يجوز عند الخلع أن تتنازل عنه كله أو بعضه بل تعطيه أكثر مما دفع كما ذهب إليه بعض الفقهاء، ودليله حديث حبيبة بنت سهل الأنصارية وقد اختلعت من زوجها ثابت بن قيس وردت إليه مهرها وهو حديقة أو حديقتان على خلاف فى الروايات وكان ذلك بأمر النبى صلى الله عليه وسلم ما رواه البخارى، وذلك بعد قوله تعالى {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} البقرة: ٢٢٩.
وليس للصداق حد أدنى فيجوز أن يكون بكل ما يُموَّل، لحديث "التمس ولو خاتما من حديد" ورأى بعض الفقهاء ألا يقل عن ربع دينار، وبعضهم ألا يقل عن عشرة دراهم، بل يجوز أن يكون منفعة.
ولا حد لأكثره بدليل آية {وآتيتم إحداهن قنطارا" وقد ندب النبى صلى الله عليه وسلم إلى عدم المغالاة فيه، فقد روى أحمد والبيهقى بإسناد جيد حديث "من يمن المرأة أن تتيسر خطبتها وأن يتيسر صداقها وأن يتيسر رحمها "يعنى بالولادة، ولم يرض لفقير أن يكلف نفسه فوق طاقته فيدفع مهرا كبيرا بالنسبة إليه، فقد روى مسلم حديث الرجل الذى تزوج على أربع أواق فاستنكره النبى صلى الله عليه وسلم وقال "كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك، ولكن عسى أن نبعثك فى بعث تصيب منه ... " فالمدار كله على طاقة الزوج والناس مختلفون فى ذلك، والغالب أن المغالاة فى المهور تكون من جهة الزوجة، إلى جانب ما يطلب من شبكة وهدايا ومصاريف أخرى، وهو أمر له نتائجه الخطيرة، فهو يقلل من الإقبال على الزواج وبخاصة فى الظروف الاقتصادية الحرجة ولو استدان الزوج قد يعجز عن الوفاء، وذلك له أثره على حياتها الزوجية، قد يحس بالنفور والامتعاض من الزوجة التى تسببت له فى الهم بالليل والذل بالنهار.
ومن أجل هذا نهى عمر عن المغالاة فى المهور بما يشبه أن يكون قرارا يسرى على الجميع، غير أن امرأة ذكرته بقوله تعالى:{وآتيتم إحداهن قنطارا} فرجع عن فكرته.
ومن الواجب أن يكون هناك تعاون بين الطرفين فى تيسير أمر الزواج بل على المجتمع ممثلا فى المسئولين أن يتدخل من أجل مصلحة الجميع