[انتقال الحاضن العاصب بالأولاد إلى مكان بعيد]
المفتي
عبد المجيد سليم.
شوال ١٣٦١ هجرية ٣ نوفمبر ١٩٤٢ م
المبادئ
يجوز للعاصب نقل أولاده المحكوم بضمهم إليه إلى محمل إقامته ولو كان بعيدا عن إقامة الأم ولو بمسافة القصر دفعا للضرر عن الوالد
السؤال
من م ف قال كنت متزوجا ع بنت م ح وعقدت عليها بمصر وعاشرتها بمصر وبدمياط ورزقت منها أولادا ثم طلقتها بعد ذلك وبعد أن تجاوز الأولاد سن الحضانة الشرعية حكمت لى محكمة السيدة زينب الشرعية بضمهم إلى بتاريخ ٤ - ٩ - ١٩٤٠ وأيدت ذلك محكمة الاستئناف الشرعية بتاريخ ١٨ - ١ - ١٩٤٢ وبما أن موطنى ومحل إقامتى الدائم هو دمياط فقد ألحقهم بمدارس دمياط حيث يقيمون معى بملكى ومحل إقامتى الدائم وحيث محل عملى.
وبما أن مطلقتى المذكورة تقيم بمصر وقد أخذت على حكما بأن ترى أولادها أسبوعيا بمحل إقامتهم طبقا لمنطوق الحكم المرفق وبدأت تشاغبنى لدى البوليس فى تنفيذ حكم الرؤية وتذكر أن محل الرؤية هو مصر ولى أن أنقل الأولاد إلى دمياط لأنها مسافة قصر أو تزيد بالنسبة لمصر فأرجو إعطائى فتوى عما إذا كان لهى حق نقل أولادى الذين تجاوزوا سن الحضانة الشرعى مسافة قصر أو أزيد من محل إقامة والدتهم بمصر إلى محل إقامتى بدمياط وهل أجبر على إحضارهم لمصر لرؤيتها إياهم أو أنها هى المكلفة بالذهاب لمحل إقامتهم بدمياط إذا أردات رؤيتهم
الجواب
الحمد لله وحده والسلام على من لا نبى بعده.
اطلعنا على هذا السؤال وعلى صورة طبق الأصل من الحكم المذكور ونفيد أنه قد جاء فى آخر باب الحضانة من البحر ما نصه وفى المجمع ولا يخرج الأب بولده قبل الاستغناء - انتهى - وعلله فى الشرح بأنه لما فيه من الإضرار بالأم بإبطال حقها فى الحضانة وهو يدل على أن حضانتها إذا سقطت جاز له السفر به وفى التفاوى السراجية.
سئل إذا أخذ المطلق ولده من حاضنته لزواجها هل له أن يسافر به فأجاب بأن له أن يسافر به إلى أن يعود حق أمه - انتهى - وهو صريح فيما قلنا وهى حادثة الفتوى فى زماننا.
انتهت عبارة البحر ونقل ابن عابدين فى رد المحتار عن الشرنبلالية عن البرهان ما نصه (وكذا لا يخرج الأب به من محل إقامته قبل استغنائه وإن لم يكن لها حق فى الحضانة لاحتمال عوده بزوال المانع) انتهى - ونقل ابن عابدين لم أر ذلك فى الخيرية فى هذا المحل والمأخوذ من هذه النصوص أن للأب فى حادثتنا أن يسافر بأولاده إلى بلد فوق مسافة القصر إذا كان الأولاد قد تجاوزوا سن الحضانة ولكن نقل صاحب الدر عن الحاوى أن للأب إخراجه إلى مكان يمكن للأم أن تبصر ولدها كل يوم كما فى جانبها قال ابن عابدين تعليقا على هذا ما نصه ثم لا يخفى أنه مخالف لما مر عن السراجية ولما يأتى عن شيخه الرملى بل ولما مر عن المجمع والبرهان لأن ما فى الحاوى يشمل ما بعد الاستغناء وهذا هو الأرق بالم ويؤيده ما فى التترخانية (الولد متى كان عند أحد الأبوين لا يمنع الآخر من النظر إليه ومن تعهده انتهى ولا يخفى أن السفر أعظم مانع) انتهت عبارة ابن عابدين والمأخوذ من هذا أنه ليس للسائل أن ينقل أولاده إلى دمياط التى بينها وبين القاهرة أكثر من مسافة قصر.
وهذا ما اختاره ابن عابدين ذاهبا إلى أنه الأرفق ومؤيدا له بما نقله عن التترخانية ولكن صاحب لاحامدية أفتى بخلاف ذلك أخذا مما فى المجمع وشرحه ومما فى السراجية ولنص عبارة الحامدية.
سئل فى بنت بلغت من السن إحدى عشرة سنة وهى عند أمها المطلقة من أبيها يريد أبوها أخذها من الأم والسفر بها إلى بلدته التى هى فوق مدة السفر فهل له ذلك حيث سقطت حضانتها.
الجواب. نعم وفى المجمع (ولا يخرج الأب ولده قبل الاستغناء إلى آخر ما ذكرنا عن البحر) إلى أن قال (ورأيت فى هامش فتاوى النقروية حاشية معزوة إلى الولى يحيى ابن زكريا أنه غذا سقطت الحضانة للتزوج بالأجنبى أو بالاستغناء فللعم أن يسافر بالولد) انتهى وخلاصة ما ذكرنا أن للمتأخرين فى أن للأب أن يسافر بأولاده إلى بلد بينه وبين وطن الأم مسافة قصر رأيين فالذى عليه كثير منهم أن له أن يسافر وأن ينقل أولاده إلى هذا البلد وعلى ذلك فليس للمطلقة المذكورة أن تلزم والد الأولاد باستحضارهم لرؤيتها لهم وإذا شاءت ذهبت إليهم فى دمياط محل إقامتهم لرؤيتهم وإذا ذهبت إليهم لا تمنع من ذلك وعلى هذا الرأى أفتى صاحب الحامدية وذهب صاحب الحاوى إلى أنه ليس له أن ينقله بعد الاستغناء إلا إلى مكان قريب لا يفصله عنها إذا أرادت أن تنظر ولدها كل يوم وقد أيده ابن عابدين.
والذى يظهر لنا الأخذ بما فى شرح المجمع والسراجية والبرهان وأفتى به صاحب الحامدية من أن السائل أن ينقل الأولاد إذا استغنوا عن أمهم بتجاوزهم سن الحضانة إلى دمياط وليس عليه أن يحضرهم إلى القاهرة لتراهم والدتهم بل لها إذا شاءت أنة تذهب إلى دمياط لرؤيتهم وذلك دفعا للضرر عن الأب بإقامة أولاده فى غير محل إقامته.
وما قاله ابن عابدين من أن السفر أعظم مانع لا يخفى ما فيه فإن الظاهر من قول التترخانية المتقدم أن الولد متى كان عند أحد الأبوين لا يمنع الآخر من النظر إليه ومن نعهده فى المكان الذى يوجد فيه الولد بحق.
والأولاد موجودون بدمياط بحق فلا تمنع من رؤيتهم فى دمياط.
وما قاله أيضا من أنه الأرفق بالأم مسلم ولكن الأخذ به إنما يكون إذا لم يكن فيه ضرر وعدم رفق بالأب ولو ألزمنا الأب بإقامته بأولاده بالقاهرة لكان فى ذلك ضرر أشد من الضرر الذى يلحق بالأم بذهابها إلى دمياط لرؤيتهم نعم.
لو كان لوالد الأولاد محل إقامة أيضا بالقاهرة يمكن أن يقيم الأولاد فيه من غير ضرر يلحقهم كان الأخذ بما ذهب إليه صاحب الحاوى وقال بان عابدين إنه الأرفق والأولى.
وفى هذه الحالة لا يكون هناك ضرر على الوالد.
وبهذا علم الحواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر.
والله سبحانه وتعالى أعلم