مات رجل وعليه نذر مال ودين فأيهما يفضل سداده أولا من تركته؟
الجواب
الحقوق الواجب على الإنسان أن يؤديها لغيره نوعان، حقوق لله وحقوق للعباد وقد تكون الحقوق متداخلة، فيها نصيب لله ونصيب للعباد، وقد تكون خالصة لطرف دون طرف ولو على نحو من الأنحاء، غير أن أساس هذا التقسيم هو الغالب فيما يبدو للناس.
ومهما يكن من شىء فإن الحق الخالص لله كالصلاة مثلا يكون التقصير فيه تقصيرا ليس للعباد دخل فيه. ويعتبر دينا يجب قضاؤه إن كان له مثل أو عوض، أو يطلب المغفرة من الله، والله سبحانه واسع الرحمة عظيم المغفرة {قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} الزمر:
٥٣ {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} النساء: ٤٨.
أما الحقوق الخالصة للعباد أو يكون ظاهرها أنها خالصة وإن كان فيها حق لله لأنه هو الذى شرعها، فإن الله سبحانه لا يتجاوز عن التقصير فيها، بل لابد من أدائها للطرف الآخر أو طلب العفو عنها منه، وذلك كالمال المسروق والأمانة التى خانها وكالسب والضرب، فلابد من إبراء الذمة بدفع الحقوق أو العفو عنها، ومع ذلك لا بد من التوبة إلى الله والاستغفار، لأنه خالف أمره بالتقصير، والتوبة إلى الله بدون أداء الحقوق إلى أصحابها أو مسامحتهم غير مقبولة، وقد بيَّن الحديث الذى رواه مسلم أن المفلس يوم القيامة من يأتى بالصلاة وغيرها من العبادات لكنه ضرب هذا وشتم هذا وسفك دم هذا، فيعطى كل مظلوم من حسنات الظالم فإذا لم توفِّ طرح عليه من سيئاتهم ثم ألقى فى النار، وهذا يدل على أن حقوق العباد فى الحرمة مقدمة على حقوق الله واسع الفضل والرحمة.
وبناء على ما تقدم لو تعلق بذمة الإنسان حقَّان ماديان، أحدهما لله والثانى للعباد ولا يملك إلا ما يوفى واحدا منهما قدِّم حق العباد على حق الله، فمن كان عليه دين لإنسان، وقبل أن يؤديه نذر بناء مسجد أو التصدق على الفقراء، والمال الذى عنده لا يكفى لقضاء الدين والوفاء بالنذر فالواجب أن يؤدى الدين أولا، وأما النذر فيكون الوفاء به عند القدرة التى لا توجد إلا بعد قضاء الدين والالتزامات الأخرى، والقدرة وقتها متسع وعند نية الوفاء يرجى عفو الله عند التعذر، فهو سبحانه واسع الرحمة والمغفرة