١ -تعريفه: هو حبس السلعة مع حاجة الناس إليها ليرتفع بذلك سعرها.
٢- حكمه: العقل السليم وقانون الاجتماع البشرى ورابطة الأخوة الإنسانية المنوط بها تحقيق خلافة الإنسان فى الأرض لا ترضى بهذا العمل لأنه دليل على الأنانية وقسوة القلب وعدم التعاون على الخير.
والأديان كلها تحرِّمه، لأنها تستهدف سعادة الجماعة فى معاشها ومعادها، بفعل الخير والبعد عن الشر، والإسلام كدين خاتم يحرمه بروحه ونصوصه العامة فى التراحم والتعاون على البر والتقوى، وإيثار ما يبقى على ما يفنى، ووردت بخصوصه نصوص من أصحها قول النبى صلى الله عليه وسلم " من احتكر فهو خاطف " وما عدا ذلك فهى نصوص فيها مقال، مثل " من احتكر طعاما أربعين فقد برئ من اللَّه وبرئ اللَّه منه " رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والحاكم، يقول الحافظ المنذرى: فى هذا المتن غرابة، وبعض أسانيده جيد، ومثل " الجالب مرزوق والمحتكر ملعون " رواه ابن ماجه والحاكم، وفى سنده مجهول، ومثل " من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه اللَّه بالجذام والإفلاس " رواه ابن ماجة، وفى إسناده كلام، ومثل " من دخل فى شىء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقا على الله تبارك وتعالى أن يقذفه فى جهنم رأسه أسفله " رواه أحمد والطبرانى، وفى سنده مقال [الترغيب والترهيب للحافظ المنذرى ج ٢ ص ٢٧ ٢ طبعة صبيح] ٠ وجاء فى حديث بسند غير مقبول ما يبين خُلُق المحتكر فيقول "بئس العبد المحتكر، إن أرخص اللَّه الأسعار حزن، وإن أغلاها فرح " وليس منه التاجر الذى يعرض البضاعة للبيع ويشترى غيرها ليبيعها فالمحتكر هو الذى يحبس السلعة حتى تشتد حاجة الناس إليها فيمتنع عن بيعها إلا بسعر غال، وربما لا يشترى غيرها ليبيعها مرة ثانية، [فتوى شيخ الأزهر-منبر الإسلام عدد شوال ١٣٩١ هـ] والإمام النووى يفرق بين من يملك غلة من مصدر غير الشراء، ومن يملكها بالشراء ليتاجر فيها،فقد سئل: إذا دخل عليه غلة من ملكه فتربص بها الغلاء للمسلمين وامتنع من بيعها وقت الرخص، هل يكون ذلك احتكارا، ويفسد بفعله ذلك، وهل هو حرام؟ فأجاب ليس هذا باحتكار، ولا يحرم ولا يفسق به، وإنما الاحتكار أن يشترى القوت فى وقت الغلاء ويمتنع من بيعه فى الحال لانتظار زيادة الغلاء وإذا اشترى فى وقت الرخاء وانتظر به الغلاء لا يكون ذلك احتكارا ولا يفسق به أيضا ولا ترد شهادته [فتاوى الإمام النووى المسماة بالمسائل المنثورة ج ٢ ص ٧٥ نشر مجلة الأزهر فى صفر ١٤١١ هـ] ويراعى أنه ذكر أن الشراء كان فى وقت الرخاء ولا توجد مجاعة ولا حاجة ملحة لهذه السلعة، فانتظر حتى يغلو السعر الذى تتحكم فيه عوامل العرض والطلب والظروف الأخرى، ومثل سلعته موجود عند غيره لمن يريد أن يشترى.
٣- تدخل ولى الأمر: جاء فى فتاوى ابن تيمية، نشر المملكة السعودية " مجلد ٢٨ ص٧٥ " المحتكر هو الذى يعمد إلى شراء ما يحتاج إليه الناس من الطعام فيحبسه عنهم ويريد إغلاءه عليهم، وهو ظالم للخلق المشترين، ولهذا كان لولى الأمر أن يكره الناس على بيع ما عندهم بقيمة المثل عند ضرورة الناس إليه، مثل من عنده طعام لا يحتاج إليه والناس فى مخمصة فإنه يجبر على بيعه للناس بقيمة المثل ولهذا فال الفقهاء: من اضطر إلى طعام الغير أخذه منه بغير اختياره بقيمة مثله، ولو امتنع من بيعه إلا بأكثر من سعره لم يستحق إلا سعره