للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ركعتان قبل المغرب]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل هناك ركعتان سنة قبلية لصلاة المغرب؟

الجواب

هناك أحاديث عامة يؤخذ من عمومها مشروعية صلاة ركعتين قبل المغرب، وهناك أحاديث خاصة بمشروعيتها.

فمن الأحاديث العامة ما رواه البخارى ومسلم " بين كل أذانين - الأذان والإقامة - صلاة لمن شاء " وما رواه ابن حبان فى صحيحه " ما من صلاة مفروضة إلا وببن يديها ركعتان ".

ومن الأحاديث الخاصة ما رواه البخارى ومسلم أن الصحابة كانوا يصلون ركعتين قبل المغرب قبل أن يخرج إليهم النبى صلى الله عليه وسلم. وفى رواية لمسلم وأبى داود، وقال أنس رآنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يأمرنا ولم ينهنا، وقال عقبة: كنا نفعل على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كما رواه البخارى ومسلم، وجاء حديث البخارى وأحمد وأبى داود " صلوا ركعتين قبل المغرب لمن شاء ".

يؤخذ من هذا أن مشروعية صلاة ركعتين قبل المغرب ثابتة بقول النبى صلى الله عليه وسلم وبإقراره، وكون الرسول لم يصلها لا ينفى الاستحباب، كما أن مشروعيتها ثابتة بفعله أيضا كما رواه ابن حبان.

وبعض الفقهاء لم يستحبها بناء على ما روى عن عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما أنه لم ير أحدا من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم يصليهما. لكن رواية المثبت، وهو أنس، تقدم على رواية النافى وهو ابن عمر ذلك إلى جانب أن الأحاديث السابقة لم يرد ما ينسخها، فتبقى محكمة. وما يقال من أن صلاتهما تؤدى إلى تأخير صلاة المغرب قول مردود بأمر النبى بهما وبإقراره لهما، وبأن زمنهما يسير لا تتأخر به الصلاة عن أول وقتها " نيل الأوطار للشوكانى ج ٢ ص ٨ ".

وجاء فى المواهب اللدنية القسطلانى (ج ٢ ص ٢٧٢، ٢٧٣) أنهما مستحبتان عند الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وأصحاب الحديث، وعن الخلفاء الأربعة وجماعة من الصحابة أنهم كانوا لا يصلونها، رواه عنهم محمد بن نصر وغيره من طريق إبراهيم النخعى عنهم، وهو منقطع كما قال الزرقانى شارح المواهب، فادعى بعض المالكية نسخهما، وتُعُقِّب بأن دعوى النسخ لا دليل عليها.

وعن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: حق على كل مؤمن إذا أذن المؤذن أن يركع ركعتين. ويتابع القسطلانى كلامه فيقول: وعن مالك قول أخر باستحبابهما، وهو عند الشافعية وجه رجحه النووي ومن اتبعه، وقال فى شرح مسلم: مجموع الأدلة يرشد إلى استحباب تخفيفهما، وقال المحب الطبري: لم يرد نفى استحبابهما لأنه لا يمكن أن يأمر بما لا يستحب، بل هذا الحديث من أول الأدلة على استحبابهما.

وروى مسلم عن أنس: كنا بالمدينة إذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السوارى فركعوا ركعتين، حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت، من كثرة من يصليهما.

وبعد، فأرجو من المسلمين ألا يثيروا فتنة بسبب التعصب لمسائل فرعية خلافية. فمن شاء صلاهما ومن شاء لم يصلهما كما أرجو ألا يبادروا بالحكم على الأشياء قبل دراستها والتثبت منها ومعرفة آراء العلماء فيها، وأن تكون دعوتهم إلى ما يريدون دعوة قائمة على الحكمة والموعظة الحسنة

<<  <  ج: ص:  >  >>