للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خصوصيات النبى صلى الله عليه وسلم]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

كثيرا ما نقرا فى الكتب عن حكم من الأحكام فيقال إنه من خصوصيات النبى صلى الله عليه وسلم فلماذا كانت هذه الخصوصيات، وهل يمكن أن تعرف؟

الجواب

الخصوصيات لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكذلك لسائر الأنبياء أمر تقتضيه طبيعة مهمتهم، فالقادة والزعماء والحكام فى كل مجتمع وفى كل عصر لهم مميزات ليست فى غيرهم، وهذه المميزات ليست كلها تيسيرا أو زيادة فى التمتع بطيبات الحياة، بل منها ما هو شديد يفرض سلوكا معينا فيه معاناة نفسية فى مقابل التكريم والتشريف الذى رفع الله به منازلهم على غيرهم من عامة الناس، فالشىء الغالى والثمين يبذل فى الحصول عليه اكبر مما يبذل فى غيره، فمن طلب الحسناء لم يُغله المهر، ولابد دون الشهد من إبر النحل، ويكفى فى الاستدلال على ذلك قوله تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة،يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون} التوبة: ١١١، وقول النبى صلى الله عليه وسلم لعائشة رضى الله عنها:

" أفلا أكون عبدا شكورا"عندما وجدته يقوم الليل حتى تورمت قدماه مع أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه. رواه البخارى ومسلم.

ومعرفة خصوصيات النبى صلى الله عليه وسلم قال بعض العلماء لا فائدة فيها"الزرقانى على المواهب ج ٥ص ١٢٠٦ " لكن النووى قال: إن معرفتها جائزة بل مستحبة بل قد تكون واجبة، لأنه ربما رأى جاهل بعض الخصائص ثابتا فى الحديث الصحيح فعمل به أخذًا بأصل التأسى والاقتداء، فوجب بيانها لتعرف فلا يعمل بها وقد تكون هناك خصائص لا حاجة لمعرفتها فى السلوك ولكن مجرد المعرفة لا يخلو من فائدة.

وقد وردت أحاديث كثيرة نص فيها على بعض الخصوصيات.

وهى كثيرة حاول بعض المؤلفين حصرها كابن سبع والنووى وابن الملقن وغيرهم وقام القسطلانى فى المواهب بجعلها فى مجموعات أربعة: الأولى فى الواجبات والثانية فى المحرمات والثالثة فى المباحات والرابعة فى الفضائل والكرامات.

فمن الواجبات التى تتناسب مع قدرته لم يعظم بها أجره والتى اختلف فى وجوبها بعض العلماء، صلاة الضحى والوتر وركعتى الفجر وصلاه الليل والسواك والأضحية والمشاورة ومصابرة العدو وتغير المنكر فى كل الأحوال، وقضاء الدين عمن مات مسلما معسرا، وتخيير نسائه فى فراقه أو البقاء معه، وإمساكهن بعد اختيارهن له وعدم التبدل بهن مكافأة لهن.

ومما اختص به من المحرمات: تحريم الزكاة والصدقة عليه، وتحريم أكل ما له رائحة كريهة كالثوم والبصل لتوقع مجئ الملائكة والوحى له، وتحريم الكتابة والشعر أى التوصل إليهما، وتحريم نزع لأْمته - عدة الحرب - إذا لبسها حتى يقاتل، والمن ليستكثر أى إعطاء شىء طالبا أكثر منه، ومد الأعين لما متَّع الله به الناس، ونكاح من لم تهاجر إلى المدينة، وتحريم إمساك من كرهته، ونكاح الكتابية لأن زوجاته أمهات المؤمنين وزوجات له فى الآخرة ومعه فى درجته فى الجنة، وكذلك نكاح الأمة المسلمة بخلاف التسرى بها فهو حلال.

ومما اختص به من المباحات وإن لم يفعل أكثرها: عدم نقض وضوئه بالنوم، وعدم نقضه بلمس المرأة الأجنبية على الأصح، وإباحة الصلاة بعد العصر، والصلاة على الميت الغائب عند بعض الأئمة، وتقبيل زوجاته فى الصيام، وجواز الخلوة بالأجنبية والنظر إليها كما فى قصة أم حرام بنت ملحان، ونكاح أكثر من أربع نسوة، والنكاح بلفظ الهبة من جهة المرأة، والنكاح فى حال الإحرام، والنكاح بلا ولى ولا شهود كنكاحه لزينب بنت جحش -والقتال بمكة ودخولها من غير إحرام، والقضاء بعلمه دون حاجة إلى شهود.

وأما ما اختص به صلى الله عليه وسلم من الفضائل والكرامات فكثير جدًّا لا يتسع لبعضه المقام ويمكن الاطلاع على المواهب اللدنية للقسطلانى مع شرح الزرقانى "ج ٥ص ٢٤٢ " لتعرف الأدلة على الخصوصيات كلها وما كان منها محل اتفاق وما كان محل اختلاف

<<  <  ج: ص:  >  >>