المؤمنون الذين سبقوا بالإيمان وتحملوا المشاق في سبيل الحفاظ على العقيدة وطاعة اللَّه فى كل المجالات مبشرون جميعا بالجنة، كما قال تعالى {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار} ، البقرة: ٢٥، وكما قال سبحانه {إن الذين قالوا ربنا اللَّه ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} ، فصلت: ٣٠.
وأدنى تكريم بالبشارة بالجنة أن المؤمن سيموت على الإيمان وتلك هى الخاتمة الحسنة، حتى لو كانت عليه ذنوب لم يغفرها اللَّه سيعذب عليها فى النار بقدرها إن لم تكن شفاعة تحول دون دخولها أو تخفف من المدة التى سيمكثها فيها، وسيخرج منها ويدخل الجنة، أما التكريم الذى فوق ذلك لمن بشر بالجنة فهو أنه سيموت على الإيمان وسيغفر الله له ذنوبه ولن يدخل النار إلا تحلة القسم كما قال سبحانه {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا * ثم ننجى الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا} مريم: ٧١، ٧٢، على الرأى المختار فى معنى ورود النار.
وأكثر المبشرين بالجنة هم من خير القرون، وهو قرن النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الحديث ومع ذلك فقد بشر الرسول جماعة من أصحابه بوجه خاص بأنهم من أهل الجنة، وهم عشرة، وردت فى بعضهم أحاديث خاصة بهم، كما وردت فيهم جميعا بعض الأحاديث، منها حديث سعيد بن زيد-وهو أحدهم -الذى يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "عشرة فى الجنة: أبو بكر فى الجنة، وعمر فى الجنة، وعثمان وعلى والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبى وقاص " وسكت عن العاشر ولما سألوه أخبر عن نفسه. رواه الترمذي.
وقال البخارى: هو أصح من حديث عبد الرحمن بن عوف. والخلفاء الأربعة معروفون، وما كتب عنهم كثير. أما الزبير فهو ابن العوام، قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم "لكل نبى حوارى وحواريى الزبير" كان أول من سَلَّ سيفا فى سبيل اللَّه، وقال له الرسول يوم الأحزاب "فداك أبى وأمى" توفى سنة ٣٦ هـ.
وطلحة هو ابن عبيد اللَّه، لما صعد النبي صلى الله عليه وسلم على ظهره إلى صخرة فى أحد دعا له وقال "أوجب طلحة" أى وجبت له الجنة-توفى سنة ٣٦ هـ.
وعبد الرحمن بن عوف كثر ماله بعد الهجرة وأنفق منه على الكثيرين وتوفى سنة ٣٠ أو ٣٢ هـ.
وأبو عبيدة هو عامر بن الجراح، لقَّبه الرسول صلى الله عليه وسلم بأمين الأمة، عندما أرسله مع وفد نصارى نجران، وتوفى سنة ١٨ هـ في طاعون عمواس.
وسعد بن أبى وقاص كان أول من رمى بسهم فى سبيل اللَّه. وكان مستجاب الدعوة، قال له النبى صلى الله عليه وسلم فى يوم أحد"ارم فداك أبى وأمى" وهو بطل معركة القادسية، توفى سنة ٥٥هـ.
وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، كان مستجاب الدعوة، توفى سنة ٥١ هـ