روى مسلم وأصحاب السنن أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال "يكفّر السنة الماضية والباقية" هذا أصح ما ورد فى فضل الصوم يوم عرفة، وجاءت روايات أخرى إسنادها حسن أى أقل من درجة هذا الحديث تفيد أن صوم يوم عرفة يعدل صيام سنة كما رواه النسائى أو صيام سنتين كما رواه الطبراني، أو صيام ألف يوم، كما روى أن بعضهم كان يرش عليه الماء وهو صائم، لما يعافي من شدة الحر، حرصا على ثوابه. لكن ذلك لغير الحاج الواقف بعرفة، فقد روى أبو داود والنسائي وابن خزيمة فى صحيحه والطبرانى أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن صومه، وإن كان هذا النهى ليس للتحريم، بل للكراهة، ولذلك اختلف الفقهاء،فقال الشافعى: يسن الفطر فيه ليقوى الحاج على الدعاء، وقال أحمد: إن قدر الحاج على الصوم صام، وإن أفطر فذلك يوم يحتاج فيه إلى القوة.
ومهما يكن من شيء فإن الأولى الاقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم فقد ثبت أنه لم يصم هذا اليوم فى حجة الوداع. روى البخارى ومسلم عن أم الفضل أنهم شكوا فى صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة، فأرسلت إليه بلبن فشرب وهو يخطب الناس بعرفة، وثبت أنه قال "إن يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا - أهل الإسلام - وهى أيام أكل وشرب " رواه أحمد وأصحاب السنن وابن ماجه.
نعم،إن الواقفين بعرفة فى ضيافة الله، حيث يباهى بهم ملائكته، ويشهدهم أنه غفر لهم، وذلك عيد عظيم من لوازمه البهجة والسرور كما نلاحظ أن فى الوقوف والإفاضة جهدا كبيرا يحتاج إلى قوة يساعد عليها الفطر، وذلك تخفيف من الله ورحمة